الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :الحلقة المفقودة.. بين مخرجات التعليم.. وسوق العمل
الجهة المعنية :كلية الاقتصاد والإدارة
المصدر : جريدة اليوم
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 30/07/1442
نص الخبر :
شدد مختصون على أهمية إجراء دراسة مشتركة بين مسؤولي الجامعات والتعليم العام وسوق العمل بالقطاعين الحكومي والخاص؛ لحصر احتياجات سوق العمل، ومخرجات التعليم، ووضع التوصيات اللازمة لتحقيق المواءمة والقضاء على الحلقة المفقودة بينهما. وشددوا خلال ندوة «اليوم»، على أهمية تشكيل لجنة علمية فنية تدرس سوق العمل بعناية، وتوجه المناهج بالمدارس الثانوية والجامعات لتهيئة الخريجين «تحصيلا وقدرات» للتخصصات المطلوبة، والتركيز على «التقنية» وتقليص القبول بالتخصصات الأدبية والنظرية التي تشهد تكدسا في الخريجين.

الجامعات دور لإنتاج المعرفة وتحويلها لابتكارات

قالت أستاذ علم بحوث العمليات أ. د. أسماء محمد باهرمز: مفهوم مواكبة مخرجات المرحلة الثانوية والجامعية مع سوق العمل مفهوم يشوبه كثير من اللبس، فالتعليم متغير مستقل وليس تابعا، والعلوم تتطور وتبقى أساسياتها صامدة، والوظائف توجد كنتيجة لتحقيق ابتكارات العلوم والمعرفة وليس العكس، وعلى سبيل المثال: الطفرة في تطبيقات التقنية والتي غيرت كثيرا في سوق العمل هي نتيجة ابتكارات دور العلم وليس العكس، ثانيا: لو تم عمل استبيان بسيط في المؤسسة التي تعمل فيها عن مدى تطابق الشهادة التي يحملها كل موظف والوظيفة التي يشغلها حاليا لوجدت تباينا كبيرا، إذن لا يوجد شيء اسمه مطابقة ولا يمكن تغيير مؤسسات العلم؛ لكي تتبع ما يحدث في السوق فهي أصلا محصلة منتجات دور العلم.

وأضافت د. «باهرمز»: «الجامعات تبقى دورا لإنتاج المعرفة وتحويلها لابتكارات تخدم المجتمع، يتلقفها قطاع الاقتصاد بكافة قطاعاته لتحويلها إلى منتجات قابلة للتداول وما يتبع ذلك من إنشاء مصانع ومؤسسات تجارية ويتدخل القطاع العام لفرض ما يلزم من قوانين وتشريعات، وهنا يأتي دور المورد البشري وأهمية تطويره وتزويده بالمعارف والمهارات اللازمة لتشغيل هذه المؤسسات على اختلاف أنواعها ومسمياتها، وهناك مهارات وثقافة على المؤسسات التعليمية غرسها في طلبتها منذ الفصل الأول الابتدائي وهي ما تعرف حديثا بالمهارات الناعمة: القيادة، ومهارات بناء الفريق والتواصل وحل المشكلات والقدرة على التأقلم وأخلاقيات العمل، وغيرها من المهارات، وإذا نجحت المؤسسات التعليمية في تلقين علومها بكافة تخصصاتها التقليدية أو ما استحدث مؤخرا مع التركيز على تقوية هذه المهارات لدى الطالب إضافة إلى صقل القدرة على التفكير الناقد والتفكير الإبداعي؛ تكون قد نجحت في ضمان تخريج أفراد ناجحين قادرين على تحقيق طموحهم الوظيفي، ويأتي هنا دور معاهد التدريب لتأهيل الموظف بما يتناسب واحتياجات الوظيفة المطلوب شغلها، باختصار عملية المواءمة هي مسؤولية دور التدريب، أما الجامعات وما يسبقها من تعليم أكاديمي فدورها تطوير المعرفة وصقل قدرات الطالب بحيث يكون قادرا على العمل والتأقلم مع المتغيرات وتعلم ما يستجد في إطار من النضج الشخصي والفكري والقيم والأخلاق الراقية».

دراسة مشتركة لتحديد الاحتياجات ووضع التوصيات

ذكرت الأستاذ المشارك بإدارة الموارد البشرية بكلية الاقتصاد والإدارة في جامعة الملك عبدالعزيز سابقا د. هند دمنهوري: وفقا لرؤية 2030 فإن مخرجات المرحلتين الثانوية والجامعية لا تتوافق جزئيا مع احتياجات سوق العمل؛ وبالتالي لا بد من إلغاء بعض التخصصات الجامعية الحالية أو تحديثها بما يتوافق مع احتياجات سوق العمل ومتطلباته، أما ما يخص مناهج التعليم العام فلا بد من إضافة مواد تؤهل الطلاب للاستعداد المبكر للعمل، خاصة وأن مستقبل الوظائف يعتمد على نوع الوظائف الموجودة في سوق العمل وشروط شغلها ومدى توافرها في طالبي العمل، أما التحديات التي تواجه الشباب فهي القدرة على الملاءمة بين قدراتهم وإمكانياتهم مع متطلبات سوق العمل، وهنا لا بد من تعريف الطلبة بوضع سوق العمل واحتياجاته، وهنا اقترح دراسة مشتركة بين مسؤولي الجامعات والتعليم العام ومسؤولين من سوق العمل؛ لمعرفة احتياجات سوق العمل ومخرجات التعليم، ووضع التوصيات التي يتم من خلالها المواءمة بينهما، علما بأن معظم مستقبل الوظائف يتجه للقطاع الخاص.

أوضح الأكاديمي بجامعة الملك عبدالعزيز د. فيصل النوري: «عند معاينة سوق العمل السعودي ومخرجات التعليم العالي على وجه الخصوص، يتبين وجود حاجة ملحة للتنسيق بين احتياجات الأول وهيكلة الأخير لتعزيز مواءمة الاحتياجات المهنية والمخرجات التعليمية بين المؤسسات التعليمية وسوق العمل. وحيث إن قيام أبناء الوطن بخدمته في مختلف المجالات واكتفاء الوطن الذاتي بسواعد شبابه، هو الهدف الذي يتمناه الجميع فإن أحد التوجهات الممكنة لهذا الهدف السامي هو تحديد وتحصيص القبول في بعض التخصصات التي تشهد تكدسا كبيرا في العاطلين عن العمل على مدار سنوات طوال ومراعاة قواعد العرض والطلب التي تنطبق على سوق العمل ومخرجات التعليم مثلما تنطبق على كل المجالات. وعليه فإنه من المناسب القيام ببناء سياسة موحدة لتحديد التخصصات التي تدرس وعدد الطلبة في كل برنامج بناء على واقع سوق العمل وبشكل ديناميكي قد يكون من المناسب إعادة مراجعتها قبل بداية كل عام دراسي أو بأي شكل دوري قابل للتطبيق. وللحصول على تعليم عالٍ ذي كفاءة تليق بالمرحلة فإنه من الضروري أن تقوم الجامعات بإعداد برامج دراسية تركز على إكساب الخريجين القدرات المعرفية، وكذلك القدرات المهارية المتنوعة. مسترشدة بالمهارات اللازمة للعمل والتطبيقات المساعدة من أحدث ما توصلت إليه التقنية في كل المجالات بشكل نوعي. وذلك لمنح الشباب والشابات السعوديين الفرصة والميزة التنافسية لشغل مختلف المواقع في القطاعين العام والخاص وشغلها بقدر كبير من الكفاءة والاقتدار».

منح الشباب الميزة التنافسية لشغل الوظائف

قال استشاري الموارد البشرية والتطوير التنظيمي م. فريد السيد: من المشاكل الأزلية في سوق العمل السعودي هو مواءمة تخصصات خريجي الثانويات والجامعات مع متطلبات سوق العمل، فنجد أن غالبية خريجي الثانويات هدفهم الحصول على المعدل الأكاديمي الذي يؤهلهم للالتحاق بالجامعة في أي تخصص كان، وللأسف بمستويات تعليمية هزيلة وقد ثبت ذلك -بما لا يدعو للشك- من خلال نتائج اختبارات القدرات والتحصيلي، فتجد الخريج حاصلا على معدل أكاديمي مرتفع ويفشل في اجتياز اختبارات القدرات أو التحصيلي، وأعتقد أنه أصبح مطلبا أساسيا على وزارة التعليم دراسة سوق العمل بشكل جيد وتوجيه المناهج لتهيئة الخريجين لمتطلبات السوق الحالي والمستقبلي، فمن الواضح والبديهي أن مستقبل الوظائف في سوق العمل سيتغير بشكل جذري ويكون فيها التركيز على وظائف التقنية والحاسوب والوظائف الفنية المختلفة التي تدعم النهضة الصناعية المخطط لها ضمن خطط ٢٠٣٠.

وأضاف قائلا: أقترح على وزارة التعليم تكوين لجنة علمية فنية، تدرس سوق العمل بعناية، وتوجه المناهج في المدارس الثانوية لتهيئة الخريجين تحصيلا وقدرات لتلك التخصصات، وكذلك الأمر بالنسبة للجامعات وخاصة تلك التي بدأت في التخصيص أن تقلص التخصصات الأدبية ويتم التركيز على التخصصات التقنية مثل: «تحليل البيانات والبرمجة وأمن المعلومات والذكاء الاصطناعي والطاقة البديلة والتحليل المالي الرقمي والتسويق الرقمي»، من المؤكد إن لم تسارع وزارة التعليم في توجيه التخصصات في المرحلتين الثانوية والجامعية سيتخرج أبناؤنا ولا يجدون وظائف تناسب تخصصاتهم.

تقليص «الأدبية» والتركيز على «التقنية»

قصور تعزيز القيم والاتجاهات الإنتاجية

أوضحت الأخصائي والباحث الاجتماعي ريم العبيد، أن مواءمة التعليم لمتطلبات سوق العمل لم تكن قضية مطروحة للنقاش عندما كان سوق العمل السعودي يستوعب جميع خريجي مؤسسات التعليم العالي، ويضمن لهم الوظيفة المناسبة، إلا أن التغيرات والتحولات التي حدثت في السنوات الأخيرة في المجالات الاقتصادية وسوق العمل السعودي جعلت هذه المواءمة قضية جوهرية، وذلك نتيجة ضعف المواءمة بين مخرجات التعليم العالي واحتياجات التنمية الوطنية بالمملكة، وتدني التحصيل المعرفي والتأهيل التخصصي وضعف القدرات التحليلية والابتكارية والتطبيقية، والقصور في تعزيز القيم والاتجاهات الإنتاجية، وتخريج أعداد من الخريجين في تخصصات لا يحتاجها سوق العمل مع وجود عجز وطلب في تخصصات أخرى، وهذا ما يقود إلى إحباط الخريجين الجدد فيبقى على عاتقهم صقل مهاراتهم والتدريب بما يتناسب مع متطلبات العمل وعلى المجتمع المساندة وتعزيز الجوانب الإيجابية والدعم.

أشار المختص في تطوير الموارد البشرية سلطان الضالع، إلى أنه في العقود السابقة غالبا يلتحق الطالب المتخرج من المرحلة الثانوية بالتعليم العالي استنادا إلى معايير محددة وهي: اختيار التخصص الذي يضمن الوظيفة أو اختيار التخصص المتوافر في الجامعة القريبة من إقامته. أما في العقد الحالي فقد أصبحت البيئة أكثر نضجا بمساهمة المركز الوطني للقياس وصندوق تنمية الموارد البشرية وذلك بإصدارهما مقياس الميول المهنية الذي بدورة يوجه ويرشد الطلاب لمعرفة ما يلائمهم من تخصصات علمية ومهنية، وما زالت مخرجات التعليم ما بعد المرحلة الثانوية لم تغط حاجة سوق العمل من حيث عدد المقاعد في تخصصات محددة، لكن الابتعاث الخارجي ساهم في تخفيف التحدي، ويعتبر دليل رؤية 2030 أحد المراجع الرئيسية للتعليم؛ لمعرفة نوعية التخصصات التي يحتاجها سوق العمل الحالي والمستقبلي، أما مستقبل الوظائف فسوف يكون في عدة مجالات ومنها: الاتصالات وتقنية المعلومات، الطاقة النظيفة والطاقة المتجددة، السياحة والرياضة والترفيه، الصناعات العسكرية، والثقافة والفنون وإحياء التراث، وأنصح الطلاب الجدد بحصر قائمة بالتخصصات التي تناسب ميولهم واختيار المتوافر والمنسجم مع رؤية المملكة المستقبلية.

الابتعاث الخارجي ساهم في تخفيف التحديات

النظرية مختلفة عن الواقع

قال الطالب علي الفارسي من قسم القانون في جامعة أم القرى: أرى أن التوافق لا يكاد يوجد مع احتياجات سوق العمل؛ لأن واقع الدراسة النظرية شيء وواقع العمل شيء آخر تماما، ويوجد تنسيق في بعض التخصصات الإدارية والهندسية والطبية ولكن في غيرها لا يوجد تنسيق، وسوق العمل يوجد به فرص ولكن على كل خريج إعداد نفسه جيدا ليجد الفرصة التي تلبي رغباته وطموحه الوظيفي، وأتمنى أن يكون هنالك تنسيق من الجامعات مع الشركات والمؤسسات ومع الجهات الحكومية أيضا لإعطاء الطالب الخريج الفرصة في التدريب التعاوني الذي يفيد كلا من الطالب والجهة التي يتدرب لديها.

أكدت الأكاديمي المتخصص في السياسات السكانية والتنمية لدول الخليج العربية د. عبلة مرشد، أن تنمية مواردنا البشرية المؤهلة بما يناسب مختلف متطلبات سوق العمل؛ تقتضي تأهيل طلابنا بتعليم ومهارات وتدريب، وذلك لا يعني حقيقة أننا نوجه التعليم بشكل أساسي نحو مطالب سوق العمل، لأن التعليم الجيد بجميع مكوناته وعملياته سيفرز مخرجات جيدة، يستفيد منها سوق العمل، فجميع التخصصات العلمية والنظرية موجودة في جامعات العالم ولم تغلق ولها مجالاتها المعروفة، ولكن واقعنا التنموي وفي ظل الكثير من الاعتبارات يحب توجه السياسة التعليمية نحو استقطاب الطلاب للتخصصات العلمية التي تجد الآن فرصا كبيرة وطلبا عليها في السوق، من خلال قبول أعداد كبيرة والاهتمام بالتدريب أثناء الدراسة، وذلك لا يعني إغلاق غيرها وإنما الحد من الأعداد المقبولة فيها، ومن جانب آخر فإن الطلاب يحتاجون إلى توعية ممنهجة لتخصصات المستقبل ولمتطلبات السوق حتى يحسنوا الاختيار.

تأهيل الطلاب علميا ومهاريا وتدريبيا

شدد المتحدث باسم التعليم الجامعي طارق الأحمري، على سعي وزارة التعليم لمواكبة الجامعات احتياجات سوق العمل بمراجعة البرامج التي تقدمها، ومدى قدرتها على مواكبة المستجدات في سوق العمل المرتبط بمهارات القرن الواحد والعشرين.

وأضاف إن وزارة التعليم بصدد إطلاق مبادرات عديدة؛ لدعم خريجي الجامعات وتحقيقا لرؤية المملكة ٢٠٣٠ ومنها: تحويل كليات المجتمع إلى كليات تطبيقية واستحداث برامج علمية وتطبيقية حسب احتياجات سوق العمل المستقبلي، مع التركيز على احتياجات المناطق، وتحديث حوكمتها لتشمل إشراك القطاع الخاص في وضع إستراتيجياتها والمشاركة في تصميم وتنفيذ برامجها، وإشراك جهات التوظيف في تصميم وتنفيذ الوحدات التعليمية والتدريبية والاستفادة من الخبرات في سوق العمل عبر تطوير المناهج، بالإضافة إلى تعريف الطلبة بالمهارات والمعارف الرئيسية للتوظيف، والتوجيه والإرشاد المهني للطلاب للالتحاق بسوق العمل وكذلك إرشاد وتوجيه الطلاب من بداية مسيرتهم التعليمية وقبل اختيارهم للتخصصات وبما يتناسب مع قدراتهم وإمكانياتهم وصولا إلى التحاقهم بسوق العمل. وتحديث برامج الدبلوم العالي، وتهدف إلى مراجعة برامج الدبلوم العالي واستحداث برامج دبلوم عال وستكون تلك البرامج إما داعمة ومساندة لتخصصهم الأساسي أو مساهمة في فتح فرصة عمل إضافية، وتقييم معدلات التوظيف لبرامج التعليم العالي ومراجعة التخصصات الدراسية، كما تهدف إلى مراجعة البرامج الأكاديمية بناء على معدلات التوظيف للسنوات الأخيرة، وإجراء دراسة للبرامج ووضع حلول تتماشى مع احتياجات سوق العمل المستقبلي، ووضع توصيات لبعض البرامج سواء بإيقاف أو تخفيف القبول فيها أو زيادتها، إضافة إلى برامج جامعية قصيرة تهدف إلى تطوير شهادات جامعية قصيرة معتمدة تركز على التخصصات المهنية المطلوبة مثل «السياحة، الثقافة.. إلخ» وتعمل هذه المبادرة بالتعاون مع القطاع الخاص والجامعات لضمان مواءمة هذه البرامج مع متطلبات سوق العمل.

 
إطبع هذه الصفحة