سعدت بدعوة جامعة المؤسس لإلقاء محاضرة حول التنمر الأكاديمي: المسببات والعلاج، التي سوف تقام الأربعاء المقبل عند الواحدة والنصف ظهرا من خلال منصة zoom.

ولأنني لن أتحدث هنا عن محتوى العرض، سأكتفي بالقول إن جامعة الملك عبدالعزيز أصبحت تنتهج خطا أكاديميا مميزا على الصعيدين الكمي والكيفي في طرحها للمواضيع التي تمس الحياة الأكاديمية بشكل مباشر، بل وتسعى جاهدة لدعوة كثير من الخبراء داخل المملكة وخارجها لتسليط الضوء على مستجدات الفكر التعليمي حيالها، وهو الأمر الذي يتماشى مع دعوات التطوير والتغيير الإيجابي وتنشيط بيئة البحث العلمي، وتعزيز دور الجامعة بوصها رافدا محليا تنمويا معتبرا، في رحلة الأوطان نحو المستقبل الواعد والجميل.

جامعة المؤسس توجت كل هذا بحصولها على المركز الأول عربيا في تصنيف QS لجامعات النخبة top universities، الذي يعكس سعي قياداتها ومنسوبيها وشغفهم الكبير بالريادة بكل ما في ذلك من تحديات ومتغيرات وعقبات، وهو تحد يضعها أمام استحقاق مستقبلي لتستمر بموجبه في إحكام القبضة على هذا المرتقى الصعب بين الجامعات الشقيقة والصديقة في المنطقة العربية.

والمتأمل لما يقوم به هذا الكيان العريق يلحظ خطا أكاديميا شب عن طوق التقليدية والنمطية المفرطة في التخصصات والبرامج والتطلعات والرؤية المرحلية، فعلى سبيل المثال: ما زال معهد اللغة الإنجليزية بالجامعة يبهر معلمي وباحثي اللغة الإنجليزية محليا ودوليا بالمواضيع التي يطرحها أمام اللغويين في فروع تعليم اللغة المتعددة، وما زال المعهد كذلك يعقد هذا المؤتمر المهيب على مدى أيام ويدعو إليه الأسماء اللامعة في علم اللغة من أمهات الجامعات والمراكز الدولية، بل وتتسابق كثير من منظمات تعليم اللغة لرعاية هذا الحدث، وتقديم خدماتها لمرتادي هذه التظاهرة، وهو الأمر الذي لم ألحظه شخصيا في كثير من أقسام اللغة الإنجليزية، فضلا عن معاهدها في كثير من الجامعات المحلية والعالمية.

ودونكم كلية السياحة بجامعة المؤسس، التي قفزت في أعمالها أيضا لمستوى لافت من المهنية والاختلاف في تأهيلها للشباب السعودي في مجالات الفندقة والضيافة، وذلك بوجود فندق تدريبي قوامه أكثر من 100 غرفة و 6 أجنحة ومقاه، تستخدم مجتمعة لغرض التطبيق والتدريب العملي للطلاب، وتتشارك مع أمهات الجهات العالمية للتدريب مثل مدرسة Hong Kong ومدرسة Washington للبروتوكول والإتكيت، وهو الحراك الذي جعلها تكون الكلية التاسعة عالميا التي تحصل على اعتماد مدرسة لوزان السويسرية في خدمات الضيافة، وما زالت كلية السياحة تواكب وتقدم مناشط موسمية لافتة، مثل مسابقة الطاهي النجم star chef، ومسابقة الطاهي الصغير لأبناء منسوبي الجامعة.

كذلك فإن جامعة المؤسس ما زالت مبادرة في استقبال أمهات الاجتماعات للجامعات والقطاعات الحكومية، وبيتا كبيرا لاحتضان ورش العمل والسيمينارات والحلقات العلمية لكثير من التظاهرات العلمية الكبرى، وهو الأمر الذي يعزز فهمنا لهذا المحضن التعليمي بوصفه واجهة مشرفة للأكاديميا في هذا الوطن الكريم، ودارا عامرة لإظهار أكاديميا الوطن بما يليق بها أمام العالم أجمعه.

لذلك، فإنني لم استغرب إطلاقا وجود جامعة المؤسس في مستهل قائمة الجامعات السعودية التي صدر الأمر السامي الكريم لتتطبق نظام الجامعات الجديد، لتقدم مع شقيقاتها أنموذجا مثاليا في التعاطي مع التعليم بروح المرحلة، من حيث الاستخدام الأمثل للموارد وخفض التكلفة وفاعلية التخصصات المقدمة، دون أن يمس ذلك بجودة نواتج التعلم وكفاءة الخريج وجاهزيته، وهي بمشيئة الله قادرة تاريخيا وجغرافيا واقتصاديا وبشريا، بما نلحظه من تسارع في أعمالها، على الوصول إلى هذا الهدف الوطني الكبير، في ظل دعم سخي وتحفيز كبير من قيادة هذا البلد، وطموح لا يعرف الكلل من منسوبي هذا الكيان الجميل.