الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :حوكمة ثقافة وهوية الجامعات
الجهة المعنية :موضوعات عامة
المصدر : جريدة عكاظ
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 27/12/1441
نص الخبر :
ابتعدت عن متابعة شؤون التعليم الجامعي في المملكة لما يقارب العشر سنوات. ففي تلك الفترة تعاقب الوزراء وتعاقبت الأهداف والتوجهات، وتم دمج مؤسسات التربية والتعليم والتدريب في وزارة واحدة، هي وزارة التعليم حاليا. وقد كنت ولا زلت من المهتمين بشؤون ومستقبل التعليم الجامعي في مملكتنا الغالية. فدور الجامعة المستقبلي في المجتمع والاقتصاد والدولة يعني مستقبل العطاء والإنتاج المعرفي، ومستقبل احترام الذات السعودية. ومنذ عامين تقريبا تواردت الأخبار بما يسر وبدأت وزارة التعليم في اتخاذ خطوات مدروسة تدعو إلى تفاؤل كبير. فالخطوات التي اتخذت مؤخراً أعادت الحماس والرغبة إلى أمثالي من العاملين بشؤون التعليم والمهتمين بمستقبله، للمشاركة بما نستطيع لخدمة وطننا الغالي.

وأكتب هذا النص عن التعليم الجامعي لأشد بالدرجة الأولى عضد القائمين على التغييرات الكبيرة والمبشرة في تعليمنا الجامعي، ولأقدم لهم بعضاً من الاقتراحات من واقع خبرتي في الجامعات الغربية. فقد أمضيت ما يقارب العشرين عاما في التدريس والبحث والإدارة، في عدد من أهم الجامعات الأوروبية، ومنها على وجه الخصوص جامعة نوتنجهام، جامعة هل، وجامعة ما نشستر، وحاليا أعمل بجامعة لندن رئيسا لدراسات الدكتوراه في كليتي. أيضا أنا أستاذ زائر لدى جامعة كوبنهيجن، جامعة لوبيانا، جامعة مانشستر، وجامعة لافبوراه. لقد توفرت لي تجربة طويلة في متابعة شؤون الجامعات وتحولاتها، وهذا ما يدفعني ويمنحني الثقة لعرض بعض الاقتراحات التي لا تعني إخلالا أو نقصا في ما يقومون به حاليا من خطوات حثيثة؛ ولكنها قناعة بأهمية مشاركة الأكاديميين وذوي الرأي والتجربة. فالتحولات الإيجابية في التعليم يكتب لها المزيد من النجاح حينما تتراكم التجارب والخبرات المتجددة؛ وخصوصا تلك التي تأتي من خارج نفس المنظومة التعليمية، وتستمد من نجاحات الآخرين. فالتحول الجديد في نظام الجامعات السعودية تضمن أن تكون لكل جامعة هوية مميزة؛ ولذلك سوف أركز على كيفية مفاهيم الارتقاء بهذه الهوية التي حُدّدت لكل جامعة. وهنا لابد من القول بأن ليس هنالك عصى سحرية، غير أن هنالك مفاتيح وأسرارا لنجاح الجامعات وتميزها في مجال إعادة هندسة ثقافتها كمؤسسات جامعية منتجة للمعارف الجديدة التي تقوم عليها النهضة الحضارية؛ ثقافة تسهم في بناء الإنسان والمكان.

في البداية أقول إن هوية الجامعة لا تنبع من تحديد تخصصيّتها فحسب، ولا من خلال وضع رؤية لسلوك وقيم وأهداف الجامعات، ولا من خلال تصميم شعار أو علامة للتعريف بها، ولا من خلال مجموعة التصورات والرسائل التي تبعثها. هوية الجامعات تنبع من خلال الثقافة الإنتاجية للجامعة، ثقافة التعامل والتفاعل مابين تعليم وبحوث، طالب وأستاذ، جامعة ومجتمع، وما بين مواطن ومُواطَنة، ما بين بناء شخصية وصناعة مستقبل. ثقافة جامعية تقود إلى هوية معنوية محسوسة لطلابها وأساتذتها والعاملين بها. ثقافة جامعية تنتج هوية ذات كفاءة وعطاء يثق بها المجتمع ويصدق بها، هوية تميزها عن بقية الجامعات. ببساطة، هوية الجامعة ليست ما يتم التخطيط والإعلان عنه، بل هي الثقاقة الإنتاجية التي تسهم من خلالها في بناء المجتمع وهذا ما سوف يميزها. وحين أشير في سياق هذا المقال عن الدكتور والأستاذ والأكاديمي والطالب والمدير والباحث، فإن ذلك يعني بالضرورة كلا الجنسين في الجامعات.

المزيج الجامعي المكون من طالب وأكاديمي وحرم جامعي وقاعات ومحاضرات، إلخ. لا يعني أي شيء، إذا ما كانت الثقافة الناتجة عن تفاعل هذا المزيج تقود إلى تقليص الفجوات الأساسية التي تربط طرفي هذا التفاعل؛ وبالأخص بحوث وتعليم، طالب وأستاذ، جامعة ومجتمع/ دولة. في هذا السياق سوف أبين بعض النقاط الأساسية التي تساعد على الوصول إلى «السر» في إيجاد وتكوين ثقافة تعزز هوية الجامعات وتميزها عن غيرها.

أولاً: الدكتور ومشلح المطوع

الثقافة السائدة في جامعاتنا تمجد لقب «دكتور» إلى درجة القداسة، تماماً كتلك الحقبة من الزمن التي كان كل من أطلق لحيته ولبس مشلحا أطلق عليه المجتمع لقب «شيخ»؛ ولا أحد يعلم مدى فقهه وعلمه، حتى لو لم يكن له من العلم الشرعي نصيب يذكر. ويجدر القول هنا بأن التخاطب ما بين الأستاذ الجامعي وطلبته والمجتمع من حوله، من خلال لقب «دكتور» لا يزيد الغرور غروراً فحسب، بل يمنع التفاعل المفتوح والشفاف؛ ويشجع على السطحية في النقاش. فلن يجرؤ الطالب على مساءلة دقيقة «للدكتور» الحاصل على شهادة الدكتوراه. هذه الفوقية الأكاديمية غير المبررة، تمثل إحدى الفجوات الثقافية التي لا بد من التعامل معها بصرامة للتخفيف من الفوقية الأكاديمية عبر استخدام لقب دكتور في كل مكان. هذا الحائط الثقافي «دكتور» يحد من اندماج الطالب والطالبة في البيئة الجامعية، لأنه يؤثر في نوعية وجودة تجربتهم التعليمية وتعيق انضمامهم إلى مناظرات الفكر والمنطق والمجادلة الأكاديمية التي تعد الجامعات بيئتها؛ وبيتها النابض بالأريحية. لا أذكر أن طالبا أو طالبة في جامعة لندن، أو غيرها من الجامعات الأوروبية التي حاضرت فيها، خاطبني بلقب «دكتور» إلا إن كانوا من جنسية عربية. في ذلك تحدٍ ثقافي بحت، يستلزم ردم الفجوة بين الطلاب والأساتذة بما يشجع على التفاعل بكل أريحية تمنح الطلاب ثقة وتغرس فيهم قيم التفاعل ومحبة بيئتهم الأكاديمية.

ثانياً: التنوع وجودة الكادر الأكاديمي

لا شك أن السعودة مهمة في مجالات عديدة، إلا أنها قد تكون عائقاً كبيراً أمام تطور الجامعات والحد من إنتاجها البحثي وعطائها الفكري؛ مما يؤدي إلى أحادية ثقافتها. ومن أجل الاستفادة من تنوع الكادر الأكاديمي دأبت الجامعات العالمية المتميزة بجعل الأفضلية لمن ثبتت جدارته وتألقه البحثي والمعرفي بغض النظر عن جنسيته. فجذب الكفاءات الأكاديمية من كل أنحاء المعمورة يفترض أن يتم على أساس الكفاءة البحثية والتفاعلية، وليس على أساس مستوى «التكلفة»؛ وخاصةً مع توجه الوزارة إلى إعطاء استقلالية للجامعات بحيث تعتمد على ذاتها في تمويل أنشطتها وخططها. والخوف والتحفظ هنا، أنه تحت هذا التبرير للتنوع الأكاديمي، أن تقوم بعض الجامعات باستقطاب كوادر أكاديمية ضعيفة ولكنها رخيصة «التكلفة». فالبحث عن الأساتذة والباحثين من منظور الرواتب المتدنية سوف يؤدي حتماً إلى فشل الجامعة في مهمتها وإلى ضعف مخرجاتها وخريجيها وعدم التصديق في مهمتها لدى المجتمع. فالتنوع غير المبني على قوة وتمكن الأستاذ الأكاديمي في تخصصه يعد جريمة في حق الأجيال، وخذلانا لوزارة التعليم، وإفشالا لرؤية 2030. ومن منظور المصلحة الوطنية العليا ومستقبل الوطن، لا يكفي أن تكون أكاديميا سعوديا لتحصل على الأولوية في العمل الأكاديمي، ما لم تكون متمكنا ومنافسا في تخصصك. ولا يفترض أن تكون فرصتك أفضل من الأكاديمي الأجنبي إن كان أقوى وأكثر تمكنا منك بموجب المعايير الأكاديمية المعتبرة. من هنا، أقترح أن لا يميز سلم الرواتب والتعويضات بين أساتذة الجامعات الذين يشغلون نفس المستوى الوظيفي بناءً على جنسية الأكاديمي. أيضاً يجب أن تتنبه الجامعة والوزارة على حدِ سواء إلى ظاهرة التكتلات المبنية على الجنسيات الإقليمية أياً كانت؛ التي تمنع التنوع وتسعى إلى السيطرة وإقصاء الغير من الكفاءات الوطنية أو غير الوطنية. تلك التكتلات قد تكون على سبيل المثال سعودية، أوروبية، شامية، آسيوية، إلخ.

ثالثاً: الثقافة المهنية للجامعة وللأستاذ الجامعي

أخلاقيات العمل الأكاديمي وسلوك الأستاذ الأكاديمي تعتبر مبدأ جوهريا في هذه المهنة العظيمة، من أهمها الانضباط والانفتاح واحترام الرأي الآخر والصدق والأمانة وخاصة في اتباع وسائل البحث العلمي. فالجامعات كمنظمات لن تخلو من بعض التحديات السلوكية التي قد ترقى إلى درجة «الفساد الأكاديمي»، وذلك من خلال أن تضخم الجامعة إنتاجها البحثي والمعرفي باتباع أساليب تضليل لتغير حقيقة قوتها البحثية، أو أن يقوم أستاذ بنشر دراسة بعد أن فبرك المعلومات أو التحليل المستخدم، أو أن تكون فيه سرقة مباشرة من دراسات نشرت في إحدى الدول، إلخ. من هنا أتوقع أو أقترح أن يكون في الوزارة وحدة أو قسم متخصص يقوم بمراقبة وفحص بعض السلوكيات الأكاديمية التي قد تسبب تشويه الهوية وخدش السمعة وتبديد الثقافة للبيئة الأكاديمية السعودية في سعيها نحو التميز. والاقتراحات في هذا المجال كثيرة.

رابعاً: الأستاذ الأكاديمي سلعة للشراء

نقل الجامعات من عصر التأسيس إلى عصر المنافسة والإنتاج يتطلب إعادة النظر في تقييم الأستاذ الجامعي. فقيمة الأستاذ الأكاديمي المُنتج بحثياً ومعرفياً وتفاعلياً، لا تقدر بثمن؛ وقد لا يرى أداءه إلا القليل. ولا يقرر التميز والتمايز بين الأساتذة شيء داخل أو خارج الجامعة، إلا تلك المعايير المتجددة التي تشجع على التميز والمنافسة، وتفرز غير المتميزين وتصنفهم. وحين يتم فتح باب التنقل ما بين الجامعات بحيث تتمكن أية جامعة من إغراء وجذب أي أستاذ من أي جامعة أخرى، لأي سبب تراه، فهذا سوف يرفع من مستوى التنافسية على مستوى الجامعات والأكاديميين سويا. كما أن فتح باب التنقل والتنافس على الكادر الأكاديمي سوف يرفع من مستوى مرونة ثقافة المؤسسات الجامعية؛ ويساعد على التركيز على إنتاجية الأكاديمي، وهذا من شأنه أن يعزز ثقافة الجامعة وهويتها. وببساطة، يمكن القول بأن تحويل الأستاذ الأكاديمي إلى سلعة قابلة للاستقطاب سوف يشعل المنافسة ما بين الجامعات، ويجبرها على الخروج إلى السوق والبحث عن الكفاءات المتمكنة، ليس لسبب شاغر أكاديمي، بل لسبب الإنتاج والمنافسة وخاصة عندما يكون عندنا تصنيف للجامعات ومخرجاتها. وأزعم هنا أن السباق نحو التميز بين الجامعات سوف يدفع الجامعات للتخلص من الأكاديمي غير المنتج وغير المنافس.

من هنا أقترح أن يعاد النظر في طرق التوظيف والتعاقد بحيث تمنح الصلاحية للجامعات على استقطاب الأساتذة من أي جامعة داخلية أو خارجية وتقديم العروض التي ترغب الجامعة في تقديمها بعيداً عن سلم الرواتب المركزي. ومن الطبيعي القول بأن هذا ضمن ضوابط دقيقة غير قابلة للاستغلال والتحوير لغير هذه الغاية السامية نحو التميز. وهنا يمكن أن يقول البعض من أن الجامعات المتمكنة مادياً سوف تكون هي الرابح الأكبر على حساب الجامعات الأقل في الموارد. وأقول إن الإدارة الناجحة في إيجاد ثقافة إنتاجية ذات هوية بحثية هي أكبر جذباً للأكاديميين من المادة.

خامساً: التفاعل يولد الأفكار والإنتاج

1) ليست الجامعات السعودية جزرا معزولة عن بعضها البعض، والنجاح البحثي والمعرفي لا يأتي بالانغلاق على نفسها، بل بالتبادل الفكري والمعرفي المستمر والمكثف. والهوية المختلفة لكل جامعة لا تعني انقطاع التبادل المعرفي في ما بينها. لو كنت مسؤولاً عن جامعاتنا لسألت نفسي عن نسبة الزيارات البحثية للأساتذة الأكاديميين لجامعات سعودية أخرى لتقديم بحوثهم ومناقشة وسائل البحث التي استخدموها؛ أو سوف يستخدمونها أو أفكار مشاريعهم البحثية، إلخ. هذه الزيارات البحثية ليست فقط لحضور مؤتمرات، بل تتم الدعوة لها وترتيبها بين الجامعة والأستاذ الزائر.

إن إعادة هندسة ثقافة جامعتنا يعني فتح أبواب التبادل المعرفي والبحثي والفكري. فالزيارات التبادلية بين الأكاديميين والباحثين عموما قد تفوق قيمتها وفائدتها بعض المؤتمرات السنوية. ومن هنا، أقترح أن تؤسس الوزارة دعما ماليا تتسابق عليه الجامعات لكي تتمكن من دفع تكلفة الحضور والمشاركة في جامعة أخرى، وبضوابط. كما أقترح كذلك أن تكون الدعوات بنسبة 70 بالمائة تقريبا، لأساتذة من جامعات سعودية و30 بالمائة لأستاذة من خارج السعودية. فالتلاقح الفكري والبحثي سوف يرفع من قيمة ونوعية البحوث في الجامعات، وسوف يكون مردوده عظيما على الجامعة، والطالب والمجتمع.

2) فتح التبادل الطلابي بين الجامعات السعودية والجامعات الخارجية سوف يسهم في تطوير تجربة الطلبة ويعزز مواردها. هناك طرق عدة لتأسيس مثل هذا التبادل لا تسمح المساحة بذكرها، ففي سنتي الأولى بجامعة لندن أسست تبادلا طلابيا ما بين كليتي وجامعة مورثيا في أسبانيا.

سادساً: البيروقراطية والتسلط الإداري

هنالك أمثلة كثيرة حول السلبيات البيروقراطية، غير أن أكثرها ضررا يحدث في المؤسسات الأكاديمية. فمن السلبيات البيروقراطية، الجمود الفكري واستمرار تطبيق وتنفيذ شيء محدد جرت العادة عليه؛ في الوقت الذي يتطلب العمل الأكاديمي تحولات مستمرة وإبداعا وتنافسا للتطوير والبحث عن كل جديد كما أسلفنا. هنالك جامعات تدرس نفس الكتب والمذكرات الدراسية التي تتعاقب عليها الأجيال الدراسية لعقود من الزمن، بما لا يحقق أي قفزات نوعية في المخرجات. فإعادة هندسة ثقافة الجامعات يتطلب التغلب على مديري «الإدارة بالتكرير» ممن لا يملكون القدرة على تقديم قيادة بحثية منتجة للمعارف والعلوم. وكيف تكون لهم القدرة وهم غير نشطين بحثياً بحجة إدارة القسم أو الكلية أو الفرع الفلاني. فمن المعروف عن الجامعات المتميزة، أن أي رئيس قسم أو كلية أو حتى جامعة يتوقف عن البحث والنشر بسبب العمل الإداري لن يتمكن من تقديم قيادة إبداعية، تؤدي إلى نتائج ومخرجات ثقافة بحثية مهمة وفاعلة. لقد كان حديثي في أول لقاء لي بمدير جامعة مانشستر في سنتي الرابعة من العمل كأستاذ بتلك الجامعة تمحور عن بحث قام به نفس المدير وقُبِل للنشر بمشاركة زميل من أستراليا؛ وكان مدير الجامعة شغوفاً وهو يشرح الأدوات التي استخدموها في البحث والتحديات التي واجهتهم، إلخ. كنا نتحدث وكأننا في نفس المستوى الوظيفي، إلا أن الفارق يكمن في كونه المدير الأعلى لأكبر جامعة في أوروبا وأنا لا زلت حينها مساعد برفيسور في سنواتي الأولى. ولهذا فالإدارة الجامعية المبدعة والمنتجة لا تنقطع عن الثقافة التي تسعى لتأسيسها أو تعزيزها؛ ولا يفترض أن لا تؤثر المناصب الإدارية لأعضاء هيئات التدريس في مستوى العطاء الأكاديمي لأولئك المديرين، الذين يفترض أن يكونوا القدوات لبقية أعضاء هيئة التدريس في تميز إنتاجهم البحثي والأكاديمي ومشاركاتهم الفكرية. يوجد جانبان مهمان يجب السيطرة عليهما:

1) لا يفترض مطلقا أن ينقطع الإنتاج البحثي لرؤساء الأقسام والعمداء في الكليات بل ورؤساء الجامعات، بمجرد الوصول إلى موقع الإدارة؛ بل ليس هنالك مبرر يجعل العمل الإداري يفوق الإنتاج البحثي والمعرفي الذي هو أساس وجود الجامعة. حين يحدث ذلك فهو أمرٌ مقلق، ولن يقود إلى إعادة هندسة الثقافة الإنتاجية للجامعات. من هنا، أقترح أن لا يعين أي أكاديمي في منصب جامعي إداري، في أي مستوى، إلا أن يكون لديه عدد عشرة من البحوث المنشورة في مجلات لها اعتبارها في تخصصهم. وعلى كل أكاديمي يعمل في وظيفة إدارية أن ينشر بحثا واحدا في كل سنة على الأقل؛ وهو في موقع الإدارة. وقد يرى البعض أن هذا مجحف، ولكنه في نظري ضروري لتحقيق نقلة نوعية في ثقافة وهوية الجامعات.

2) الأساتذة الأكاديميون دائماً ما يكونون شعلة للإبداع وإعطاء الأفكار المنتجة والمجددة للبرامج والكورسات وأسوأ شيء قد يكون من أي جامعة هو وضع رئيس إدارة يقتل إبداع الأساتذة ويطفئ شعلة حماسهم. التسلط الإداري في العمل الأكاديمي قد يولد تبديدا لطاقات وحماس وعطاء الأساتذة، كذلك يولد إحباطا نفسيا وتشتيت تركيز الأستاذة. عدم الإطراء على الأداء والأفكار المبدعة أو الاستحواذ عليها بطريقة تسلطية مباشرة أو غير مباشرة يجب أن يحارب وينبذ بعيدا.

سابعاً: كيف تقاس الخبرة في التعليم العالي؟

عندما كنت أعمل في جامعة مانشستر أسست محاضرات وحصصا دراسية للطلبة السعوديين في بريطانيا لأكثر من ثلاث سنوات. وخصصت محاضرة لمناقشة «التفكير لما بعد التخرج»، وكان الهدف أن أُلفت انتباه المتخرجين لأهمية الحفاظ على مستوى تأهيلهم البحثي؛ وأن لا تغلب عليهم الثقافة السائدة آنذاك في بعض الجامعات، المغيبة للإنتاج البحثي والمعرفي. إلا أن المفاجأة في اكتشافي أن طموح العديد منهم تمحور حول الوصول لأعلى المناصب الإدارية؛ وفي أسرع وقت. وبالفعل عُين اثنان منهم رؤساء أقسام جامعية، بمجرد وصولهم للوطن والتحاقهم بالعمل الجامعي.

من المؤكد أن الخبرة في بعض الجامعات تقاس بعدد الوظائف الإدارية التي تولاها الأكاديمي، وليس بعدد البحوث التي نشرت؛ فمقياس الخبرة عند البعض ترجحها الوظائف الإدارية أكثر من البحوث العلمية؛ لهذا نرى التسابق على تحصيل العدد الأكبر من المناصب الإدارية الجامعية، بل إن من المؤكد أيضا أن استمرار ذلك النهج والتسابق نحو العمل الجامعي الإداري لا يحقق أو يُمكّن من تأسيس وتعزيز ثقافة الإنتاج البحثي والمعرفي والفكري في الجامعات. فليس العمل الإداري بالمقياس الأول لمكانة الجامعة، حتى ولو أعلنت الجامعة وأظهرت أهمية البحوث فيها؟ وعن هذا الجانب أشير إلى انتقال عميد الكلية التي أعمل بها بجامعة لندن للعمل في جامعة أخرى. ومع شغور منصب عميد الكلية، فلم يرشح أي من أعضاء التدريس بالكلية نفسه لكي يكون عميداً؛ واضطرت إدارة الجامعة إلى إقناع أحد الزملاء بأن يتولى المنصب مؤقتاً إلى حين تعيين عميدا للكلية من خارج الجامعة. ففي الغالب أن الأساتذة النشطين بحثياً لا يفضلون العمل الإداري الكبير؛ ولكن القلة منهم ممن يقبل القيام بهذا العمل يبدع في تعزيز ثقافة البحث العلمي. فالعمل الإداري الروتيني والبيروقراطي لا يقود إلى ثقافة إبداعية منتجة للبحوث والمعارف، بل من الخطأ أن نعتبر أن هذا النوع من العمل يولد خبرة لقيادة الأقسام والكليات والجامعات. وتحرص الجامعات الناجحة بحثياً ومعرفياً كل الحرص، على أن تكون القيادات فيها ذات عمق بحثي ومعرفي كبير. ومن هنا ومن أجل وقف التسابق على المراكز الإدارية وعضويات اللجان، أقترح أن تقوم وزارة التعليم بتشجيع الجامعات على التمييز ما بين كادرين مهمين، هما:

1) الكادر الذي لا ينتج بحوثا، بمن فيهم من لم ينشر له أية بحوث في السنوات الأربع الماضية، لا يولى إلا بعض الوظائف الإدارية البسيطة المتعلقة بجوانب تنسيقية.

2) وأما الكادر المنتج للبحوث فمن الأولى أن يعطى مناصب إدارية عليا، ويفترض هنا، أن يضاف له وقت للاستمرار في بحوثه، بموجب معايير محددة. والاقتراحات في هذا السياق كثيرة.

ثامناً: تصنيف ثقافة الجامعات وتصنيف المنافسة

هنالك الكثير من الدعوات إلى تصنيف الجامعات السعودية، وكنت أحد الداعين إلى تأسيس نظام مقارنة يمكن أن يميز بين الجامعات، كلياتها وتخصصاتها. وفي لقاء لي مع معالي وزير التعليم العالي آنذك الدكتور خالد العنقري في لندن سألته أن يبرر الدعم المالي الهائل في ذلك الوقت لجامعة معينة، مقارنة بالجامعات الأخرى خاصة أن الوزارة، في ذلك الوقت، لا تملك أي جهاز لقياس وتقييم أداء الجامعات، مقارنة بالدعم المالي الكبير الممنوح لها. واقترحت على معاليه أن يؤسس وحدة أو قسما خاصا بقياس أداء الجامعات ومخرجاتها. وقد كتب المقترح تحقيقا لرغبة معاليه، وبعد عام واحد تقريبا أُعلن عن تأسيس وحدة قياس أو ما يعرف اليوم بهيئة تقويم التعليم والتدريب. الآن، وبعد أن تخطينا مرحلة التأسيس الأولى إلى مرحلة تعزيز ثقافة الكفاءة والإنتاج المعرفي وبما أننا على مشارف إعلان الوزارة عن التصنيف السعودي لمؤسسات التعليم العالي، ودون الدخول في تفاصيل كيفية اختيار المؤشرات ومجالاتها أو كيفية قياس المخرجات ومحدداتها، فإني آمل أن يهدف التصنيف السعودي إلى التمييز ما بين مستويين من التصنيف:

1) تصنيف تأثير ثقافة الجامعات:

تصنيف أي نشاط يهدف دائما إلى التمييز بين مستويات أداء المنظمات وتخصصاتها ومخرجاتها ودرجة تأثيرها. وكما ذكرت آنفا، فإن ثقافة الجامعات هي ما يميزها ويكسبها هويتها، من خلال فاعليتها في إنتاج المعارف والعلوم؛ وفي صقلها لشخصيات الخريجين، وكافة مخرجاتها. وبشكل مبسط وعام، آمل أن يحتوي التصنيف السعودي على التالي: أ) تقييم مستوى رضا الطلبة، ب) نوعية وجودة التدريس، ج) شراكة الجامعة مع مؤسسات المجتمع المختلفة.

2) تصنيف التنافسية للجامعة:

الجامعات، كأي منظمة خدمية، تسعى لتنافس شبيهاتها من الجامعات، في الداخل والخارج، حتى ترفع من معنى وجودها ومستوى خدماتها. فالخدمة الأعلى لأي جامعة، تكمن في إنتاج المعرفة ونقلها إلى كل من يرتبط بها من طلاب المعرفة؛ من أفراد ومؤسسات وهيئات ومنظمات حكومية وغير حكومية.. إلخ. من هنا، أرى أن التنافسية بين الجامعات، وأي تصنيف لها، يفترض أن يحتوي على التالي: أ) نوعية البحوث ومستوى نشرها، ب) مستوى نقل المعرفة، ج) مستوى تدويل إنتاجية الجامعة.

تاسعاً: حجم الجامعة ومستوى حوكمة ثقافتها

توجد علاقة مباشرة ما بين حجم الجامعة، ومقدرة الجامعة على حوكمة وإعادة هندسة ثقافتها. والعديد من الجامعات صممت لكي تكون ضخمة واسعة ومترامية الأطراف. وذلك من شأنه أن يؤثر سلباً على مدى قدرة إدارة الجامعة على تعزيز ثقافة التفاعل والإنتاج الجامعي. لماذا حجم بعض الجامعات ضخم مقارنة بجامعات الدنيا؟ لماذا يذهب جزء كبير من ميزانيات الجامعات على صيانة مبانٍ ضخمة ومتباعدة؟ هذا الحجم الكبير لبعض الجامعات غير مبرر أبداً. من هنا، أقترح التالي:

1) وعلى سبيل المثال، نسمع أن الجامعة الفلانية تملك أكبر حرم جامعي هنا أو هناك... والحقيقة أنه لا يمكن لإدارة أي جامعة ضخمة وواسعة أن توجد ثقافة تفاعلية منتجة ومؤثرة وهي مثقلة بكبر الحرم الجامعي وعدد كبير من التخصصات المختلفة، التي قد لا تناسب سوق العمل، وقد يكون استحداثها لمجرد ملء مباني ومشروعات الجامعة. فمنطقة عسير ومثلها نجران وجازان، وغيرها تحتاج أن يكون بها جامعتان متنافستان. ومثل ذلك جامعة الملك سعود، التي يمكن أن يخرج منها جامعتان أخريان؛ وقد أحسن صاحب القرار حين أسست جامعة جدة، من محيط جامعة الملك عبد العزيز. فالعديد من المدن الأوروبية المماثلة لأي مدينة من مدن المملكة، من ناحية عدد السكان، يوجد بها جامعتان أو ثلاث جامعات كمدينة مانشستر، بيرمنجهام أو ليدز في بريطانيا. ومن هنا، أقترح وعلى المدى الطويل أن تتم تجزئة بعض الجامعات السعودية، من أجل التنافسية والجودة في التخصصات -علوم طبية، علوم اجتماعية، علوم هندسة، إلخ- كل ذلك حتى تتمكن إدارات الجامعات من التميز في هندسة ثقافة منتجة ومتخصصة.

2) وأقترح على القائمين على شؤون التعليم العالي ورسم سياساته المستقبلية بأن يفكروا في إنشاء نظام الكليات على طريقة جامعة أكسفورد، كامبريدج، ولندن. كليات مستقلة إدارياً، ولكنها تابعة للجامعة التي ترسم السياسات العليا، وتلتزم بها تلك الكليات. هذا النظام يعطي استقلالية ومساحات كبيرة لكل كلية لتدير نفسها، لكنه لا يقود إلى حجم كبير في عدد الطلاب، وحجم الأعباء الإدارية واللوجستية. وهنا فإن الجامعة الأساسية تمارس بعضاً من الإشراف على الجودة وبعضاً من التوجيه لتعزيز هويتها وسمعتها. والميزة الكبرى لهذا النظام هو أن هذه الكليات يصبح لديها قدرة فائقة على تعزيز ثقافة الإبداع والإنتاج من خلال تخصصية دقيقة وثقافة مميزة لنقل المعرفة.

3) وفي هذا السياق، من الطبيعي القول بأن قبول عدد كبير من الطلبة سنوياً في جامعة واحدة، لا يعد تميزا؛ ولن تتمكن أي جامعة مثقلة بعدد كبير من الطلبة من تعزيز ثقافة الإنتاج التفاعلي. تجزئة الجامعات ذات الحجم الكبير يعد ضرورة قصوى، حتى تتمكن من النجاح في تأسيس وتدويل ثقافة منتجة ذات تخصصية عالية. وأعلم أن فطنة القائمين على شؤون التعليم الجامعي ستقودهم إلى عدم الحتمية بقبول كافة خريجي الثانوية العامة. كما لن تفوتهم الرؤى والخيارات الأنسب لمن لم يتمكنوا من المنافسة على كراسي الجامعات؛ عبر توفير برامج ودبلومات متخصصة تناسب الاحتياج المعاصر لسوق العمل؛ وبمعايير متجددة تنعكس على مناهج وخطط تدريب موجهة.

عاشراً: القيادة ثقافة ومسوؤلية وإبداع

تعد رؤية المملكة 2030 مفخرة وأهم إستراتيجية وطنية في تاريخ المملكة العربية السعودية، تهدف لنقل السعودية والسعوديين إلى مراحل إبداعية في الإنتاج والعطاء، كمراحل التنافسية والاستثمار، ومراحل الانفتاح التفاعلي والثقافي، ومراحل يكون فيها السعوديون منتجين وليسوا فقط مستهلكين؛ نحو مزيد من التطور والاستدامة في العطاء بكافة مجالاته. ولأن الجامعات تحظى بمسؤولية تنمية وتطوير المجتمع من حولها، فإن على قيادات الجامعات أيضا مسؤوليات تطلعات وطنية مستقبلية، للمساهمة في نقل المجتمع وكافة مؤسساته وأفراده إلى عالم رؤية المملكة 2030.

واليوم، ومع توجة الوزارة الموفق إلى جعل الجامعات تعتمد على مواردها، فسوف يكون السباق لبعض الجامعات خلف موضات رفع موارد قد يصعب تحقيقها. ومن هنا، يفترض أن تكون قيادة الجامعات ذات واقعية أكبر؛ وعليها التركيز على إنشاء تخصصية أكبر في متطلبات الوقت المعاصر والمستقبل القريب مثل تخصصات الذكاء الاصطناعي، الواقع المعزز، الرقمية، الاستدامة، وغيرها. وعندما تقود إدارة أي جامعة لتحقيق تخصصية معينة فبالعادة ما نرى ما يشبه إعادة هيكلة للكليات والأقسام ومراكز البحوث، لكي تتمكن الجامعة حقاً من تعزيز تفوقها في هذا التخصص. ذلك من شأنه أن يمكن الجامعة من تحقيق إبداعات فريدة وبراءات اختراع عديدة، بما يمكنها من تحقيق استثمارات كبيرة تعود على الجامعة بالفائدة. فالقيادة الفاعلة هي التي تقود إلى إنشاء تخصصية مميزة لجامعاتها، تكون عامل جذب كبير للأساتذة والباحثين في هذا التخصص أو ذاك؛ وكذلك استقطاب الطلبة المميزين ودفع تكلفة دراستهم بهذه الجامعات المتميزة. ولا شك أن التوصل إلى هذه المرحلة يعني أن الجامعة حققت نجاح كبيرا في تعزيز ثقافة الإنتاج والإبداع؛ وامتلاك هوية متميزة حقاً.

الحادي عشر: دراسات الدكتوراه وتأهيل أكاديميي المستقبل

لا يخفى على المتخصصين في وزارة التعليم أهمية الدراسات العليا وخاصة دراسات الدكتوراه لتأسيس ثقافة بحثية منتجة للمعارف. اعتماد جامعاتنا على تأهيل معيديها على الجامعات الخارجية أمر (على كثرة فوائده) لا يمكن في المدى الطويل الاستمرار عليه بالمستويات العالية الحالية. كيف لنا الاستمرار على الاعتماد على تأسيس أكاديميي المستقبل في بلدنا الغالية ونحن نملك عددا كبيرا من الجامعات البحثية؟ الابتعاث ضرورة لكل البلدان بما فيها مملكتنا الغالية، لكن ليس إلى حد تجاهل إمكانيات جامعاتنا البحثية. بالإضافة إلى هذا الجانب، فدراسات الدكتوراه تعد أهم المحاور للتعزيز والحفاظ على الثقافة البحثية وإنتاجية البحوث. من هنا، يتوجب على الجامعات تعزيز دور طلبة الدكتوراه في الحياة الجامعية والتبادل البحثي في جامعاتنا. هناك ملاحظتان مهمتان:

1) القليل جدا من طلبة الدكتوراه المبتعثين والمهنيين لدراستهم لا ينشرون نتائج بحوثهم (التي بالعادة تكون عن تخصصٍ ما في المملكة) في مجلات أكاديمية محكمة في تخصصهم. لماذا ووزارة التعليم صرفت ملايين الريالات على كل طالب دكتوراه؟ في نظري هذا يعد هدرا لاستثمارنا في إنتاج المعرفة وتغييبا لنتائج بحثية دقيقة من شأنها رفع مستوى الفهم عن السعودية.

2) أقترح أن تسعى جامعاتنا لخلق علاقة تعاونية مع جامعات خارجية يتم من خلالها تقديم إشراف على طلبة الدكتوراه في جامعاتنا السعودية بالتعاون مع الجامعات الأجنبية بحيث يقضي طالب الدكتوراه ستة أشهر إلى سنة مع المشرف في الجامعة الخارجية. بدأت بعض الدول في نهج هذا الأسلوب وكنت أحد المرحبين به بحكم إدارتي لدراسات الدكتوراه في جامعة لندن. الاقتراحات في هذا الشأن كثيرة.

الثاني عشر: التدريس ليس مخارج حروف وكلمات

عندما كنت مسوؤلاً عن برنامج تأهيل الأساتذة الجدد في كلية الأعمال في جامعة مانشستر، كنت أقدم دورة عن «التفاوض داخل قاعة التدريس». وكنا نهدف إلى رفع مستوى المهارات التفاعلية للأساتذة، من أجل رفع مستوى تأثير تدريسهم؛ بطريقة لا تؤدي إلى توصيل المعلومية فحسب، بل أن تجعل من المعلومة إحساسا يشعر به الطالب ويتخيله ويستمتع به، كي يفتح أبوابا عليا من التعجب، والتساؤل، والمجادلة، والفضول، لمعرفة المزيد. لا يمكن تخيل إمكانية تميَز الأساتذة في التدريس عندما يكون عدد الطلبة كبير جداً؛ أو عندما يكون الأستاذ الجامعي مثقلا بمواد ومتطلبات التدريس المعتادة. من هنا، فإن ثقافة التفاعل والتبادل الفكري بين الطالب والأستاذ لن تتحقق بالطريقة الفعالة عندما يكون الأستاذ الجامعي مرهقاً، غارقاً في محاضرات عديدة، وتصحيح امتحانات، بجانب العمل الإداري والبحثي؛ وبجانب تدني إمكانياته البحثية الحتمية التي أشرت إليها بعاليه. ومن المعلوم أن التميز في ثقافة الإنتاج والإبداع، لا تأتي من أستاذ فقدَ مساحة التفكير والتأمل والتذكر، وعمد إلى الروتين. وتحرص الجامعات المتميزة بشكل مباشر، على مراعاة مستوى وكمية التدريس للأستاذ الجامعي؛ حتى وإن كان هذا الأستاذ من الكادر التدريسي البحت (من غير بحوث) المذكور سابقاً.

ختاماً:

يعد هذا المقال مختصرا ومبسطا في أحد عشر محورا تضمنت إضاءات حول حوكمة ثقافة الجامعات السعودية، وتجديد هندسة ثقافة الإنتاج والتفاعل مع كل طوائف المجتمع، لترسيخ هوية جامعية ذات مصداقية، تبعث على الثقة في مخرجات الجامعات. وفي هذه المقالة قدمت الاقتراحات الرئيسية لكل محور، ولضيق المساحة، لم أتمكن من إضافة اقتراحات أخرى مهمة تحت كل محور. متمنيا أن تسهم هذه الأفكار في خدمة المؤسسات الجامعية، وأقل ما في ذلك تحقيق حوار أكاديمي بناء في إطار السعي نحو مستقبل أكاديمي أجمل وأفضل بإذن الله؛ في بلادنا الغالية.

 
إطبع هذه الصفحة