الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :فلنقاطع المسلسلات «الرمضانية»
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 28/08/1437
نص الخبر :
سامي سعيد حبيب
فلنقاطع المسلسلات «الرمضانية»
رمضان الكريم لهذا العام 1437 هـ أصبح على الأبواب بعد طول غياب ،حيث تستشرف القلوب المسلمة المشتاقة إلى النفحات الربانية تستشرف الرحمات والبركات والمغفرة والعطايا الربانية ، من جانب آخر تكاد دعايات المسلسلات الرمضانية التي أصبحت تعد بالعشرات إن لم تكن بالمئات أن تكون فاجعة روحية ، فالكثير منها مناف ٍ للقيم والأخلاقيات الإسلامية بالعري والرقص بل وحتى الإلحاد والعياذ بالله ، ولا بد للمسلم أن يتخذ موقفاً من كل ذلك الإفساد المتعمد لأعظم موسم روحي للمسلمين ، إنه الجانب المستتر في حرب أصبحت معلنة على أمة محمد ٍصلى الله عليه وسلم.
إن الحكمة الإلهية العليا من الصيام هي ترقي المسلم في منازل التقوى وتزكية النفس ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) ، وفي صحيح البخاري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه ) ، فرمضان بمثابة دورة إيمانية مكثفة تتدرج بالمسلم حتى يدرك ليلة القدر من خلال الاجتهاد الفائق للعادة ليكون إلى الله أقرب وبرسوله صلى الله عليه سلم أشد تأسياً وأكثر محبة وللقرآن الكريم أكثر معايشة وتفاعلاً ، والناس يتفاوتون في ذلك فثمة الفائزون في رمضان وثمة المقصرون ، وفئة ثالثة هم الذين يقضون نهارهم في نوم متواصل وليلهم في متابعة المسلسلات قال عنهم وعن أمثالهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : «رغم أنف أمرئ أدرك رمضان ولم يغفر له «.
كان صيام رمضان فيما مضى أكثر روحانية وأقرب لتحقيق الحكمة الربانية من الصيام ، وما ذاك إلا لأن سمة عصرنا هذا هي أن وتيرة الحياة المعاصرة ( زمن العولمة ) جعلت من الإحساس برمضان أقل روحانية و أكثر تسارعاً من أي وقت مضى فلا يكاد المسلم يجد وقتاً ليستمتع بالإيمانيات بسبب كثرة المشاغل التي يقضى وقته فيها كمثل تركيزه على برامج التواصل الاجتماعي.
لقد أصبح الحشد الهائل من المسلسلات التلفزيونية و برامج إضاعة الأوقات والتي تستهدف جميعها تضييع أوقات المسلم في الشهر الفضيل ترقى لأن تكون ظاهرة اجتماعية على مستوى العالمين الإسلامي والعربي وهي جديرة بالدراسة والتدقيق والتمحيص فيمن يقف وراءها و مَن يموِّلها ومَن يُعد مادتَها العلمية أو الفنية ، حيث تصرف المؤسسات الفنية الشهور الطوال والأموال الطائلة في إعدادها لإطلاقها بدلاً من مردة شياطين الجن في شهر الرحمة والغفران . لست أدري ما الرابط بينه وبين ما يسمى بـالأعمال «الفنية» التي يغلب عليها شدة الإسفاف والعري المتعمد والاستخفاف بعقل المتلقي والإساءة للصورة الحقيقية للمجتمعات العربية المسلمة ناهيك عن أنها في غالبيتها تزخر بالمناظر المحرمة شرعاً وبالطروحات المخالفة لصريح الوحي ، وببعض من يدعون العلم الشرعي فيفتون بما يخالف مذهب أهل السنة والجماعة في قضايا عَقَدية.
إن خير ما يمكن أن يواجه به المسلم المحب لربه و لرسوله صلى الله عليه وسلم هذه الهجمة السنوية الشرسة على الأمة المسلمة هو الإعراض عن منتجاتها الإعلامية ومقاطعتها قلبياً وعملياً وتهميشها في حياته الرمضانية ، وأن يجعل من هذه الحرب الناعمة قربى يتقرب بها لله من خلال الإقبال على موائد القرآن والحرص على الصلوات الخمس جماعة في المساجد ولو على جزء من صلاة التراويح والإكثار من الذكر والاستغفار ، ولو قاطع الناس المسلسلات «الرمضانية» لما وجدت رواجاً لا في رمضان أو ما بعده. وكل عام وأنتم بخير.

 
إطبع هذه الصفحة