الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :رعاية المواطن أينما كان...؟!
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة عكاظ
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 03/06/1437
نص الخبر :

صدقة يحي فاضل

انطلاقا من اهتمام قيادتنا بالمواطن السعودي، أينما كان، وحرصها على راحته وسلامته، لفتت نظري ظاهرة إقامة أعداد كبيرة نسبيا من المواطنين السعوديين، إقامة دائمة، أو شبه دائمة، في بعض البلاد العربية المجاورة، وغيرها. افترضت مبدئيا أن هذه الظاهرة لها مزايا وعيوب، بالنسبة للمصلحة العامة لبلادنا، ولهؤلاء المهاجرين. وارتأيت أنها تستحق الدراسة العلمية الشاملة... التي ستوضح أهم أبعادها، ومن ذلك: ماهية هذه الهجرة، أعداد المهاجرين، أسبابها، المشكلات التي قد تنجم عنها بالنسبة لبلدهم الأصلي، وبالنسبة للبلدان المضيفة وللمهاجرين وذويهم، سبل الحد من سلبياتها.... إلخ. وقد علمت بأن هناك مشكلات كثيرة تكتنف هذه الإقامة. كما أن معرفة المسببات قد تسهم في حل بعض الإشكاليات العالقة.

 
غير أننا يجب أن لا نجزم بشيء الآن، حتى يثبته البحث العلمي الموثوق. لذلك، يجب أن نتطلع لانتهاء الدراسة المأمولة، لنعلم منها ما يجب أن نعلمه، عن هذا الموضوع الذي ينبغي أن يهم أمننا القومي. فالدراسة هي وسيلة فقط، وليست غاية في حد ذاتها، للحصول على المعلومات الأهم عن هذا الموضوع، وعلى ضوئها يتم اتخاذ السياسات المناسبة، الهادفة لتعظيم إيجابيات هذه الظاهرة، وتقليص سلبياتها.
 
****
 
تقدمت بما يعرف بـ «توصية إضافية» على تقرير وزارة الخارجية السنوي الذي عرض على مجلس الشورى أخيراً. ونص هذه التوصية هو: على وزارة الخارجية القيام بدراسة علمية شاملة لظاهرة إقامة أعداد كبيرة من المواطنين السعوديين، إقامة دائمة أو شبه دائمة، في بعض الدول المجاورة، وغيرها.... تمهيدا لاتخاذ السياسات المناسبة التي تحقق المصلحة العامة لبلادنا، والمصالح المشروعة لهؤلاء المهاجرين.
 
أما أهم مبرراتها، فيمكن تلخيصها بما يلي: كبر عدد هؤلاء. إذ يقدر البعض عددهم بحوالى مليون شخص، أو أقل قليلا. (وذلك يشكل نسبة عالية من مجموع سكان المملكة السعوديين). وعدم وجود معلومات كافية عن هؤلاء، وعن ظروفهم المعيشية. إضافة إلى: التمهيد لرعاية مصالح هؤلاء، وحفظ حقوقهم، بشكل أفضل، واستمرار تواصلهم مع بلدهم الأصلي.
 
وبالطبع، يجب أن لا يتمخض عن الدراسة والسياسات أي خرق لحقوق الإنسان، وخاصة حرياته المشروعة.
 
****
 
ولمن لا يعرف «آلية» عمل مجلس الشورى، أوضح: أن هذه التوصية حولت إلى اللجنة المختصة بالمجلس، لتدرسها، وتتخذ ما تراه مناسبا بشأنها، من رفض، أو قبول. ثم تعرض رأيها على المجلس ككل ليناقشها، ويتخذ ما يراه بالتصويت على مناسبتها من عدمه. وبعد ذلك، يكون القول الفصل للمقام السامي الذي يقرر تبنيها من عدمه. وكل ذلك يعني: أن مجلس الشورى لم يتخذ بعد قرارا بشأن هذه التوصية .... كما تردد بعض وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي. والواقع أن هذه الوسائل تناولت مضمون التوصية بالكثير من المبالغة والتهويل الذي لا أساس له.
 
ليأخذ الأمر مساره الطبيعي والنظامي، ولتدرس وزارة الخارجية هذا الموضوع، إن تم اعتماده. وهذه الوزارة قادرة على إجراء الدراسة العلمية المطلوبة في وقت قصير نسبيا، عبر تكليف معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية بالقيام بها، إن رأت ذلك مناسبا. وبعد ذلك يمكننا معرفة ما يجب اتخاذه من سياسات وإجراءات تجاه هذه الظاهرة. وبالنسبة للعدد المقدر للمهاجرين، فقد قلت إنه قرابة المليون. وقد يكون أقل من ذلك. ولكن تقديراتي الأولية تشير إلى أن العدد يتراوح بين 700 ألف إلى مليون، ينتشرون في عدة دول عربية وغير عربية.
 
وقد ذكر الدكتور عبدالله صادق دحلان، في مقال له نشر في هذه الصفحة بعنوان «أوقاف لفقراء السعوديين في المهجر» (عكاظ: العدد 18117، الأحد 3/ 4 / 2016م، ص17) أنه: «أشارت إحدى الإحصائيات غير الدقيقة أن هناك حوالى مليوني سعودي، يقيمون خارج وطنهم السعودية، ودون الإشارة للأسباب والظروف التي دفعتهم للعيش خارج وطنهم، إلا أنها حقيقة». ثم مضى قائلا: «الحقيقة الأصعب والأشد مرارة هي أن الظروف المعيشية لبعضهم، أو بعض أبنائهم، صعبة جدا، وقاسية». ثم طالب بإنشاء وزارة خاصة للمهاجرين السعوديين.... وإنشاء أوقاف، يصرف ريعها للمحتاجين الكثر منهم...؟! ( الدراسة المطلوبة ستبين الحقائق المعنية). إن العدد كبير نسبيا، ونسبة لعدد السكان السعوديين. أما هذه الظاهرة فتستحق الاهتمام والدراسة، من قبل وزارة الخارجية أو غيرها، حتى ولو كان العدد 100 ألف فقط...؟! فغني عن القول إن الدراسة المطلوبة حيوية ومهمة... خاصة بالنسبة للأمن الوطني، وللمصلحة العامة السعودية، وأيضا لمصلحة كل المعنيين. بل إن الدراسة الموضوعية لأي أمر يجب أن تسبق أي سياسات تجاهه. والأهم أن تتخذ، على ضوء استنتاجات هذه الدراسة، السياسات والإجراءات المناسبة واللازمة التي تضمن تحقيق الأهداف السامية لهذه الدراسة، وفي مقدمتها: خدمة المواطن السعودي، أينما كان. والله من وراء القصد.


 
إطبع هذه الصفحة