الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :تأثير الأدب العربي على الأدب الإنجليزي.. رؤية أدبية ونقدية (2-3)
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 28/06/1437
نص الخبر :
عاصم حمدان
 
* استكمالًا لما بدأناه من عرض ونقاش الأفكار الرئيسة المتضمنة البحث الموسوم «تأثير الأدب العربي على الأدب الإنجليزي / The Influence Of Arabic Literature On English Literature» للمستعرب الإنجليزي الراحل البروفيسور كليفورد إيدموند بوزورث (Bosworth) (1928 2015م)، يشير الباحث إلى أنّ أوّل من أدخل الآداب الهندية والفارسية والعربية؛ خصوصًا الشعر العربي، في صورة المترجمة هو السير ويليام جونز William Jones» 1746 -1794م، الذي قام بترجمة المعلّقات السبعة، وهو في سنِّ السادسة والعشرين، وحتّى يكون لعمله هذا قيمة أدبية فإنّه رجع إلى مصادر مهمة، مثل: التبريزي، والزوزني. وقد كانت الترجمة الإنجليزية نثرية، ثمّ نجد بعد نحو قرن من الزمن يقوم السير تشارلز جيمس ليالSir Charles. James Lyall [1845 – 1920م] بترجمة المعلّقات شعرًا إلى الإنجليزية. وقد قدّم «ليال» ترجمته في قالب شعري إنجليزي موزون. ويشير الباحث إلى أن «ليال» هذا يعود في أصوله لجذور هندية، وكان يعمل موظفًا في الخدمة المدنية، وتحديدًا في الشركة الشرقية الهندية.
* وعلى الرغم من جهود السير ويليام جونز « William Jones»، والذي يعد رائدًا في هذا المجال؛ إلا أنّ الشعر العربي لم يتمكّن من التأثير على الأدب الإنجليزي، ويعود ذلك إلى عدم بروز شاعر إنجليزي من الدرجة الأولى، ومتمكّن في الوقت نفسه من اللغة العربية ليكون قادرًا على النفاذ إلى الحديقة السريّة للشعر العربي.
* كما يمكن القول: إنّ العالم العربي كان موضع جذب للشعراء الرومانسيين؛ إلا إنّه كانت هناك محدودية من حيث توفّر تراجم للشعر الرومانسي العربي، ومن تلك النّماذج ما قام به الشاعر شيللي «Percy Bysshe Shelley» [1792 – 1822م]؛ حيث كتب قصيدة يقلّد فيها قصيدة حبٍّ للشاعر العربي عنترة بن شدّاد، والذي عاش في القرن السّادس الميلادي، وأحد شعراء ما عرف في الشعر العربي الجاهلي بالمعلّقات السبعة.
* وبعد عامين فقط أقدم «Scotsman Terric Hamilton» على أوّل ترجمة لسيرة عنترة بن شدّاد. ويميل الباحث بوزورث (Bosworth) إلى أنّ الشاعر «شيللي» قد أفاد من هذه الترجمة.
* وفي العام 1856م كتب إدوارد فتزجرالد «Edward FitzGerald» [1809 – 1883م] أشعاره المقتبسة من أشعار رباعيات عمر الخيّام المكتوبة أصلًا باللغة الفارسية، ولاقت هذه الترجمة نجاحًا باهرًا، وكان آنذاك ما يشبه الاعتقاد بأنّ تلك الأشعار المترجمة قد تفتح الشهية لقراءة الشعر الإسلامي، وفنون أخرى من الأدب، يمكن تصنيفها ضمن دائرة الأدب السّاخر، والذي يعبّر عن الحياة ومفارقاتها في أواخر العصر الفيكتوري، وما ارتبط بأجواء تلك الحقبة من حيرة وشك، وهو ما برز كمثال في أشعار كلٍّ من: ماثيو آرنولد «Mathew Arnold» [1822 – 1888م]، وآرثور هيو «Arthur hugh Clougn» [1819 – 1861م]، وألفريد تنسيون «Alfred Tennson» [1809 – 1892م]. وعلى نطاق القارة الأوروبية قد ظهرت ضمن أعمال الباحث النّمساوي ألفرد فون كريمر «Alfred Von Kromers»، والذي قام هو الآخر بترجمة لشعر أبي العلاء المعرّي، الشاعر العربي الذي عاش في حقبة القرن الحادي عشر الميلادي. وقد ظهر عمل «كريمر» كما حدّده الباحث بوزورث (Bosworth) حوالى 1889م.
* ولعلّ النّزعة التشاؤمية إزاء الكون وفلسفته العميقة عن الحياة، ذلك وسواه ممّا تمثّل في أعمال أبي العلاء النثرية والشعرية، قد جذب انتباه العديد من شعراء بريطانيا ونظرائهم من البلاد الأوروبية الأخرى.
* وفي العصر الفيكتوري برزت شخصية السير ريتشارد بيرتون «Sir Richard Burton» 1821 - 1890م»، والذي كان متمكّنًا بدرجة كبيرة من القراءة والمحادثة باللغة العربية والفارسية، وعاش في العالم العربي - أي الشرق الأوسط -، وفي الهند. ثمّ قام برحلته - أي بيرتون - للديار المقدسة سنة 1853م، كما قام بترجمة قصص «ألف ليلة وليلة»، كما قام بكتابة قصائد شعرية باللغة الإنجليزية، والتي يمكن وصفها بالطويلة. وكانت قصيدته، والتي حملت اسم «حاجّي عبده اليزدي» تتكون من (268) مقطعًا Couplets.
* وأختم هذه الحلقة عن هذه الدراسة المهمة التي قدّمها الراحل بوزورث (Bosworth) باقتباس عبارات للرحالة بيرتون «Burton»، والتي تضمنت مدوّنته عن الرحلة للأراضي المقدسة، والتي تدلّ على شخصيته المتعاطفة مع المجتمع المسلم؛ حيث يقول عن الخطبة التي استمع إليها أثناء رحلته السريّة لمكّة المكرمة: «لقد رأيت شعائر دينية في بقاع كثيرة؛ لكنّني لم أرَ أبدًا ما هو أكثر وقارًا وتأثيرًا ممّا رأيته هنا».

 
إطبع هذه الصفحة