الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :اليمين المتطرّف ونهر الدم المتدفق!
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 26/02/1437
نص الخبر :
عاصم حمدان
اليمين المتطرّف ونهر الدم المتدفق!
* لم يكن السياسي المحافظ (إينوك باول) 1912- 1998م Powell عندما ألقى خطابه الشهير في مدينة برمنغهام البريطانية، إحدى المدن ذات الأعراق المتعددة، وخصوصًا تلك المهاجرة من شبه الجزيرة الهندية عام 1968م، والذي حمل ما بعد مسمّى العبارة التي استخدمها باول نفسه (نهر الدم المتدفق)، في إشارة الى العواقب المترتبة على فتح باب الهجرة أمام الراغبين فيها.
* وقد أدّى خطابه ذلك إلى إعفائه من المنصب الذي كان يحتله في حكومة الظل، برعاية إدوارهيث - Heath- كوزير ظل للدفاع، وخصوصًا أن شخصيات سياسية محسوبة على تيار الاعتدال ليس في صفوف حزب المحافظين فقط، بل ضمن الأوساط السياسية على مختلف أطيافها -آنذاك- مثل وزير الخزانة الراحل إيان ماكلاود Macleod، ووزير الخارجية الأسبق بيتر - كارنغتون Carrington، وغيرهما أظهروا عدم رضاهم عن خطابه؛ لأنه يحمل نفسًا عنصريًّا وخصوصًا أن بريطانيا خرجت من إرثها الاستعماري بعد حرب السويس وراغبة في التكيف مع وضع سياسي أضحت تقوده الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن فقد الإنجليز نفوذهم السياسي وتواروا عن الأنظار.
* نعم، لم يكن الراحل باول يتوقع بأن آراءه بعد حوالى نصف قرن من الزمن تضحى ممّا يستشهد به بعض الكتاب دون أي اعتراض، بعد الحوادث الإرهابية التي شهدتها عواصم غربية مثل الحادث المروّع الذي شهدته مدينة باريس وما عرف أخيرًا باسم مجزرة كاليفورنيا.
*عنوان المقالة التي كتبها المحلل السياسي Simon Hefferفي صحيفة الديلي تلغرافNoverber 25 - december,1,2015.p:17, وهو «باريس .. الدليل المأساوي الذي يثبت أن إينوك باول كان صائبًا في آرائه «أي أن ما دعاه في خطابه المثير بخطورة ما أشار اليه بمصطلح Communalism أي التكتل الطائفي، ذلك العنوان يوضح مدى ما أسدته التيارات الدينية المتطرفة مثل: القاعدة وداعش، للتيارات اليمينية المتطرفة في الغرب وما يستتبع ذلك ما تدفعه الجاليات الأخرى وفي مقدمتها الإسلامية من ثمن باهظ، ومطلوب منها في ظل الظروف الحالية أن تعلن براءتها الكاملة من هذا المد الإرهابي الذي لا تقره الشريعة الإسلامية ومقاصدها العليا، والمحرِّمة نصوصُ كتابِها ودستورها القرآن الكريم، قتل النفس الإنسانية أيًّا كان دينها وعقيدتها.
* وقد ارتفعت بعد حادث باريس أصوات تدعو لانتخاب الجبهة الوطنية القومية ذات الميول العنصرية بزعامة (مارين لوبين) Lepon، للحُكم في فرنسا، وكانت (الجبهة) -أي اليمين المتطرف- قد حققت في الدورة الأولى للانتخابات البلدية والمحلية في فرنسا، نتائج جعلتها في المرتبة الثانية مباشرة بعد «الاتحاد من أجل حركة شعبية» برعاية الرئيس السابق ساركوزي.
ولا تخفي الجبهة توجهاتها العنصرية ضد الأقليات الأخرى في فرنسا، ويستثنى من ذلك الطائفة اليهودية التي تحظى من منظور ديني بحت بمنزلة خاصة عند جميع الأحزاب الغربية ما كان يمينيًّا منها أو يساريًّا.
* وإذا كان كل من اليمين المتطرف في بريطانيا وفرنسا وغيرهما من العواصم الغربية هو المستفيد الأكبر والأوفر حظًّا من تداعيات إرهاب داعش ومثيلاتها، فإن الزعيم الصهيوني المتطرف (نتنياهو) يحصد قسمًا كبيرًا من هذه الجوائز المجانية، وذلك من خلال ممارسة أقصى صنوف العذاب الجماعي في ظل انقسام فلسطيني حاد، وانشغال عربي بالهموم الذاتية لكل قطر.
ويبدو أن الجميع لم تسعفه الذاكرة ليتذكر بأن وعد بلفور الشهير قد مضى على صدوره ما يقرب من مئة عام، وهو عمر طويل في حياة الشعوب.

 
إطبع هذه الصفحة