الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :التأمين.. ضد العميل
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة عكاظ
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 29/12/1436
نص الخبر :

أنمار حامد مطاوع

عندما يوضع نظام، ويكون إلزاميا، ثم تترك مهمة وضع قوانينه في يد أفراد أو شركات.. تأتي تلك القوانين فوضوية.. تدافع عن حقوق أصحاب المصالح وتقف في صفهم.

 
مشكلات شركات التأمين على السيارات طالت أغلب شرائح المجتمع.
 
التأمين على السيارات إلزامي. وله طرفان مستفيدان: العميل وشركة التأمين. للأسف.. كل ما يتعلق بالتأمين على المركبات ليس له علاقة بمصلحة العميل.. لأن شركات التأمين هي من: يضع شروط العقد.. ويتحكم في تطبيقها.. ثم تزيد الشروط تعقيدا.. تماطل.. تتهرب.. تضيع الوقت.. ترفع الأسعار ــ دون رفع الخدمات طبعا ــ .. تُدخل سماسرة ووسطاء؛ وتزدهر العمولات.. كل ذلك يأتي على حساب العميل المرغم (نظاما) على التعامل مع هذه الشركات.
 
عند أول حادث، يكتشف العميل أنه ضحية عملية احتيال كبرى. إذ ينزلق في متاهة كبيرة وسط دوامة من الإجراءات لإنهاء معاملته.. ويبدأ في سماع تفسيرات جديدة لبنود العقد الغامضة ــ طبعا كلها تفسيرات تخرجه خالي الوفاض ومتكبدا أكبر قدر من مسؤولية الخسائر ــ. وبما أن معظم السيارات على نظام التأجير المنتهي بالتملك، يدخل طرف ثالث وتزداد التعقيدات ولا يحصل العميل على أي من العدالة التي كان يحلم بها عندما قام بالتأمين على سيارته. وتمتد المعاناة لشهور.. يدفع أقساط السيارة وقيمة إيجار سيارة أخرى عوضا عن سيارته المركونة في أحد الشوارع. بين شركة تأمينه وشركة تأمين الطرف الثاني في الحادث وبين ورش الإصلاح.. معاناة كبرى.
 
زيادة أعداد شركات التأمين الذي تم الإعلان عنه لن يفيد في تحسين الوضع. وترك السوق كما هي لتصحح نفسها من خلال قانون البقاء للأصلح.. أيضا لن يحسن الوضع، فهذا القانون يعمل في ظل سوق حر ونظيف. ولكن عندما يكون الإلزام هو القاعدة والمعادلة ليست متساوية، لا يصلح السوق نفسه ولن يكون البقاء للأصلح.. بل إن الشركات الأشهر والأقوى تكون غالبا هي الأسوأ. هذا هو قانون (جريشام) في الاقتصاد: (العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق).
 
ما يحتاجه صاحب القرار هو دراسة السوق لمعرفة عدة نقاط: ما هو أنسب سعر تأمين للطرفين (العميل والشركة)، من هي الجهة الحكومية التي يجب أن يتعامل معها العميل، بعيدا عن المرور المشغول بأعبائه الخاصة، ما هي التبعات التي تترتب على فترة الإصلاح منذ وقوع الحادث، وما هي المدة التي يجب أن يصرف خلالها التعويض.. كل هذه المتغيرات يجب أن تؤخذ في الاعتبار.. وأن يكون المجتمع ــ العميل ــ طرفا مهما فيها.. وليس شركات التأمين ــ منفردة ــ باحثة عن مكاسبها الخاصة على حساب المصلحة العامة..      
              

 


 
إطبع هذه الصفحة