الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :إسقاط لوردات التجارة
الجهة المعنية : 
المصدر : جريدة عكاظ
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 26/11/1436
نص الخبر :

علي بن حسن التواتي

توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بدراسة كافة الأنظمة التجارية والاستثمارية، بغرض تسهيل عمل الشركات العالمية كان منتظرا بعد 10 سنوات من الدراسة في وزارة التجارة والصناعة والجهات الأخرى ذات العلاقة.

 
فمنذ انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية لتصبح العضو (149) بتاريخ 11/11/2005 بعد مفاوضات شاقة استمرت لاثني عشر عاما والجهات المعنية تعمل على تجهيز البنية التنظيمية والنظامية لتطوير بيئة الأعمال التي تتطلب العضوية في المنظمة تطويرها باتجاه فتح الأسواق ومزيد من الحرية للاستثمار الأجنبي المباشر خاصة في المجالات التي تحتاج لنقل التكنولوجيا والتطبيقات الإدارية والعلمية والرأسمالية المتطورة.
 
والواضح من التوجيه الملكي الكريم هو أن تطلعات خادم الحرمين الشريفين لا تقتصر على مجرد استجابة بلادنا من لشروط العضوية في منظمة التجارة العالمية بل تتعداها لتوظيف هذه العضوية لتحقيق غايات تنموية بعيدة لا تكتفي بمجرد السماح للشركات العالمية بإدارة استثماراتها التجارية والصناعية بشكل مباشر في الأسواق السعودية على المستويين الكلي والجزئي فحسب بل بمساعدتها بالحوافز والتشجيع وتجهيز البنية الأساسية لجعل السعودية (مركزا دوليا لتوزيع وبيع وإعادة تصدير المنتجات).
 
وبالتالي، فإن العمل على تحقيق هذه الغاية البعيدة يتخطى بكثير مسألة الوكالات التجارية المثيرة للجدل في السوق السعودي إلى مكاسب اقتصادية أكثر أهمية. بل إن إعادة النظر في نظام الوكالات التجارية السعودي القديم الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/11 وتاريخ 20/2/1382هـ أصبحت ضرورة قصوى لتحقيق الغاية الأبعد. فهذا النظام الذي ينص في مادته الأولى على أنه «لا يجوز لغير السعوديين سواء بصفة أشخاص طبيعيين أو معنويين أن يكونوا وكلاء تجاريين في المملكة العربية السعودية على أن الشركات السعودية التي تقوم بأعمال الوكالات التجارية يجب أن يكون رأسمالها بالكامل سعوديا وأن يكون أعضاء مجالس إدارتها ومن لهم حق التوقيع باسمها سعوديين».
 
وحتى إذا ما أعيد النظر في نظام الوكالات التجارية أو تم إلغاؤه فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن الوكلاء الحاليين سيفقدون أعمالهم، بل قد يكون من المجدي اقتصاديا للشركات الكبرى التي يعملون وكلاء لها أن يستمروا على وضعهم خاصة أن استثماراتهم في البنية الأساسية والمخازن ونقاط التوزيع وكل ما يتعلق بسلاسل التموين والإمدادات قد وصلت إلى حجم كبير يوفر على الوكيل والشركة الأم الكثير من التكلفة. وهناك نقطة أخرى في صالح الوكلاء المحليين الذين استعدوا لمثل هذا اليوم بالمشاركة في ملكية الشركات الأم التي يعملون لحسابها، فكثير منهم الآن شركاء لا أجراء ولا يمكن تجاوزهم بسهولة.
 
ولكن الإضافة هنا تتمثل في أن المسؤولية والضمانات أصبحت مباشرة على الشركة الأم ولا يمكن لها بعد اليوم أن تعتذر عن سوء خدماتها بسوء أداء وكلائها بل يمكنها أن تتعامل مع أكثر من وكيل في أكثر من منطقة بشكل كامل أو جزئي لضمان جودة خدماتها ووصولها لأكبر عدد من المستهلكين. وهذه نقطة إيجابية في صالح المستهلك الذي يحول الوكيل في بعض الأحيان بينه وبين الاتصال المباشر بالشركة الأم. فالآن ستصبح الضمانات دولية والوكيل عرضة للمساءلة وربما لإلغاء التعاون معه بكل يسر وسهولة.
 
ويبقى أن نتعرف على بعض مزايا استضافة الشركات المتعددة الجنسية ومدى إضافتها للاقتصاد الوطني. فبالإضافة إلى المسؤولية المباشرة والضمانات الدولية التي أشرنا إليها آنفا يمكن بالتنظيم المناسب توظيف وتدريب العمالة المحلية ورفع إنتاجيتها وقدراتها المهارية والفنية والتنافسية العالمية لتصبح رافدا للمنطقة وللشركات والأعمال المحلية بعمالة أفضل، والأمثلة هنا لا حصر لها في اقتصادنا، ويكفي أن نعرف أن كافة المديرين السعوديين الناجحين هم نتاج للعمل في فروع لشركات متعددة الجنسية داخل المملكة.
 
ويمكن أيضا التركيز على نقل التكنولوجيا المتقدمة في شروط التوطين والتأكد من مدى تقدم التطبيقات التي تستخدم حتى لا تتحول فروع تلك الشركات في بلادنا إلى مقالب نفايات للتكنولوجيا المتخلفة التي يتم الاستغناء عنها في فروع أخرى للشركة في البلاد المتقدمة.
 
ويمكن الاستفادة من الشركات متعددة الجنسية في مجالات صناعية وتجارية واعدة مثل صناعة السيارات والسلع المعمرة التي تصنع أجزاؤها في كافة أنحاء العالم وتجمع في خطوط إنتاجية محلية.
 
ويمكن توجيه الاستثمارات الأجنبية المباشرة باتجاه مناطق نائية ومجالات إنتاجية قد تبدو غير جذابة للمستثمرين المحليين مثل المنتجعات السياحية في المناطق الجبلية والشواطئ البعيدة عن المدن والجزر البكر في امتدادنا البحري الإقليمي وكذلك في الصناعات التعدينية والقائمة على معادن أو عناصر نادرة..
 
وقبل الختام يجب التأكيد على أن السماح للأجانب بإدارة أعمالهم بشكل مباشر في البلاد لا يكفي في حد ذاته لتحقيق الغايات التنموية البعيدة فالمسألة تتطلب الكثير من الحوافز وعوامل الجذب التي تتوفر في العديد من الدول المجاورة ولا تتوفر في بلادنا، وما لم تستكمل البنية الأساية اللازمة لحرية تحرك هذه الاستثمارات فستتركز على استيراد المنتجات الاستهلاكية وبيعها ولن يستفيد الاقتصاد المحلي من ورائها غير تغيير اسم البائع من حميدان إلى كربجيان..


 
إطبع هذه الصفحة