الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :سطور عن حياة فقيد المعرفة - محمد إسماعيل ظافر
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 26/10/1436
نص الخبر :
عاصم حمدان
سطور عن حياة فقيد المعرفة - محمد إسماعيل ظافر
*عندما حططنا الرحل في مكة المكرمة في بداية التسعينيات الهجرية للدراسة الجامعية، كان جيل من الأكاديميين السعوديين قد عادوا لأرض الوطن ليتحملوا مسؤولية إدارة أعرق كُليَّتين في بلادنا وهما كلية الشريعة وكلية التربية، فكان معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة عميدًا للتربية وفضيلة الدكتور عبدالوهاب أبوسليمان عميدًا للشريعة، وعندما انتقل الدكتور الخوجة ليُضحي وكيلًا لوزارة الإعلام والتي تسلم مهامها معالي الدكتور محمد عبده يماني في التشكيل الوزاري والذي تم في عام 1395هـ، أضحى الدكتور محمد إسماعيل ظافر مسؤولًا بالإنابة عن إدارة كلية التربية، وترك بصمات هامة في مسيرتها كما يذكر الزميل السيد الدكتور هاشم حريري، منها: اعتماد نظام الساعات، وتطوير المناهج على أساس الوحدات الدراسية، وتوسيع دائرة الابتعاث لجيل أتذكر من رموزه المضيئة الزملاء والدكاترة، حمد المرزوقي وعبدالله صيرفي وسهيل قاضي وزيد الحسين ومحمد ياسين فهيم وطالع الحارثي -رحمه الله- ومسفر الحارثي وحسن الزَّواد وسواهم، والذين عادوا فيما بعد وتحملوا مسؤولية تدريس أجيال لاحقة وخصوصًا أن التربية ونظيرتها الشريعة كانتا المعين أوالمصدر المعتمد لتزويد المدارس الإعدادية والثانوية بالكوادر من المدرسين والتربويين.*أعود للأكاديمي والتربوي ظافر الذي رحل قبل أيام عنا وأزعم أنني أعرف شيئًا من تاريخ أسرته التي كانت تسكن في الماضي حي الشونة القريب من المسجد النبوي الشريف منذ أن توطَّن جدُّها الأكبر «حسن» أرضَ النبوة الطاهرة في أواخر القرن العاشر الهجري، كما اشتهر من أفرادها الشيخ حمزة ظافر الذي شارك في الثورة الليبية ضد الاستعمار الإيطالي، وأخال أن المؤرخ والراوية الأستاذ محمد حسين زيدان -رحمه الله - قد أشار في كتابه الموسوم «العهود الثلاثة» إلى هذه الشخصية، ويشاء الله أن يجمع للدكتور ظافر-رحمه الله- بين خدمة العلم في مكة المكرمة والمدينة المنورة، فعندما أنشئت كلية التربية في المدينة المنورة باقتراح من معالي الدكتور غازي عبيد مدني وفي حقبة معالي الدكتور محمد عمر الزبير ووكيله معالي الدكتور عبدالله نصيف تم ترشيح الدكتور ظافر لعمادة الكلية الوليدة في طيبة الطيبة، وظلت الكلية الوحيدة في فرع الجامعة بالمدينة المنورة حتى تم تعيين الدكتور غازي مديرًا لجامعة الملك عبدالعزيز عام 1416هـ والذي أقام عددًا من الكليات العلمية والمختلفة التخصصات حيث تهيأت بجملتها في آخر حقبته لتكون جامعة متكاملة وحملت اسم طيبة الطيبة. ولم ينقطع الدكتور ظافر عن الاشتغال بنشر العلم لأخريات حياته حيث افتتح عددًا من المدارس الخاصة إضافة لانخراطه في العمل المبارك لجمعية تحفيظ القرآن الكريم.*كان المرحوم ظافر شخصية تربوية فذة في زمن تلاشت فيه تلك القامات الرفيعة والتي جمعت في شخصياتها بين فنون عدة ممن يطلق عليهم اسم الشخصيات الموسوعية، ولعله مما يبعث على شيء من الحسرة والأسى بأنه لم ينشأ في ظلال جيل الرواد من الأدباء في بلادنا من يقاربهم أويدانيهم في معارفهم المتنوعة ،فكذلك هوالشأن والحال في الشخصيات التربوية، والتي يعد أستاذنا ظافر -رحمه الله- واحدًا منهم، فلم يلحق بركابهم إلا القليل في زمن تفتقر فيه الأمة في مرحلتها الحضارية والفكرية المتعثرة إلى من يوجه الأجيال فيها في دروب الحياة التي أضحت وعرة وشائكة ومحيرة، ويأخذ بأيديهم عن علم وكياسة ودراية إلى رحاب الفكر النير والباعث على السكينة والطمأنينة. نعم ذلك الفكر الذي يقدس الحياة التي أمرنا الله بعمارتها ولا يتم ذلك إلا بنشر ثقافة الحب وحسن الظن في الآخر.* ولعله يمكن القول إن وراء ما نشهده من تفلُّت شبابنا بين أيدينا وهيامهم إن لم يكن تشردهم في هذه الصحاري المهلكة من الفكر الشاذ، إن وراء ذلك غياب فكر الوسطية والاعتدال والتسامح والذي كانت مؤسساتنا التعليمية والتربوية قادرة على ترسيخه في عقول وقلوب الناشئة من خلال جيل من الأساتذة القادرين بما وهبهم الله من فقه المقاصد والأولويات والضرورات على النأي بأبنائنا عن مهالك التشدد ومزالق التكفير والتفسيق والتبديع الذي حرمته نصوص الشرع البينة الدلالات.*في ختام هذه السطور التي كتبتها تذكيرًا بمآثر هذه الشخصية التربوية أتطلع ومعي العديد من الإخوان أن يقوم معالي الزميل الفاضل الدكتور عدنان مزروع بإطلاق اسم المرحوم ظافر على معلَم بارز من معالم جامعة طيبة التي شرفه الله بإدارتها، وأزعم أنه قدم الكثير لها بعد تسلمه الأمانة من سلفه معالي الأخ الدكتور منصور النزهة.*من شعر الشيخ الأديب والفقيه محمد العمري الواسطي، ت: 1365هـ - 1945م، في التشوق لأرض الطهر والقداسات:منازل شبَّ فيها الدين واكتملتآياته فاستعادت نورها المدنُلأيِّ أرضٍ يشدُّ الرَّحل راكبهيبغي المثوبة أويشتاقُه عطنُأبعدَ روضتِها الغنَّا وقبتها الخضراء يحلوبعيني مسلمٍ وطنُما غوطةُ الشام ما نهرُ الأبلة ما..حمراءُ غرناطة، ما مصرُ ما اليمنُكلُّ المُنى في رحاب المصطفى جُمعتدينًا ودنيا في مثلها ثمنُ

 
إطبع هذه الصفحة