الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :استبداد وإرهاب باسم الإسلام ؟!
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة عكاظ
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 24/10/1436
نص الخبر :

صدقة يحي فاضل

أصبح قيام ونمو وتوسع أي تنظيم تكفيري جهادي (يستخدم الإرهاب لتحقيق هدفه في السيطرة والتسلط) يثير كثيرا من الاشمئزاز والخوف والهلع، وأيضا التساؤلات الحائرة. فأغلب هذه التنظيمات ليس لها من هدف سوى: القتل والتدمير، وإسباغ الظلامية على حياة ضحاياها، وإحالة حياتهم إلى بؤس مقيم، وباسم الدين، والدين من كل ذلك براء. لا يوجد أي شيء يمكن أن يشوه الدين الإسلامي الوسطي الحنيف، ويسيء إلى معتنقيه، أكثر من قيام تنظيم لا هدف إيجابي له.. بل جل همه القتل والتدمير والانتقام والتشفي، وإعادة عقارب الساعة لقرون مضت. صحيح أن بعض «واقع» الأمة الذي يقول قادة الإرهابيين أنهم إنما نهضوا ليحاربوه، ويغيروه، تشوبه الكثير من العيوب. ولكن «البديل» الذي يقدمه هؤلاء الضالة ليس فيه ميزة واحدة يعتد بها. بل هو أسوأ ــ بمراحل ــ مما يدعون أنهم بصدد إزالته.

 
لم نشهد تنظيما واحدا متحضرا.. له برنامج معقول ومقبول، ويسعى للوصول إلى السلطة، أو إلى أكبر قدر ممكن منها، بالأسلوب السليم والصحيح.. وهو رغبة الناس، وميول الغالبية منهم، وعبر صناديق الاقتراع وإبداء الرأي. لم تقم، حتى الآن، أحزاب سياسية ذات طابع ديني وسطي وعصري.. تتنافس فيما بينها على أصوات ورضا الناس المعنيين ــ كما يحصل في الدول النابهة والمتقدمة، والقوية (الأحزاب المسيحية الديمقراطية مثالا). حتى أكثر الأحزاب الدينية «الإسلامية» اعتدالا، يلاحظ عليها الرغبة في الاستئثار بالسلطة ــ بكل الطرق الممكنة ــ وإقصاء من يختلفون معها في الرأي والتوجه. ثم اللجوء إلى العنف والإرهاب لفرض الهيمنة والتسلط. إنها «الفاشية الدموية» الإرهابية المقيتة... تنمو الآن وتترعرع في أغلب مجتمعاتنا العربية والإسلامية، نموا سرطانيا فظيعا، لم يسبق له مثيل.
 
****
 
وبسبب طبيعة هذه التنظيمات، وتوجهها الإرهابي البشع، وسلوكها السلبي الفظ، فإن قيام ونمو وتوسع معظم هذه التنظيمات يعني: خسارة للإسلام والمسلمين، وإضرارا بهذا الدين العظيم. الأمر الذي يجعل قيامها ــ بالضرورة ــ حدثا مؤسفا ومشبوها.. غالبا ما يكون وراءه طرف (أو أطراف) معادية للإسلام، وتعمل على تشويهه، وتشجيع كل قول أو فعل يسيء إلى هذا الدين ويسفهه، وتجد في التشجيع (الخفي) لهؤلاء الضالة الوسيلة «الأفضل» لتحقيق مآربها في الأرض العربية والإسلامية.
 
لذلك، يبرز دائما التساؤل المشروع فيما يتعلق بمسألة قيام ونشاط هذه التنظيمات: من وراءه؟! ولقد ثبت وجود أيادٍ أجنبية معادية للأمة ــ وإن بشكل غير مباشر ــ وراء قيام كثير من هذه التنظيمات، رغم تظاهر المتآمرين باتخاذ مواقف عدائية، وأحيانا عسكرية، ضد هذه التنظيمات؟! ولقد وجد المتآمرون في أولئك المغفلين (أو المضللين) جنودا مستعدين لتحريكهم ضد بلادهم، وأمتهم، في هذه الوجهة أو تلك.. ينفذون ما خطط لهم تنفيذه، بكل قوة وتصميم وبشاعة.
 
****
 
إن هذه التنظيمات الإرهابية العبثية غالبا ما تبحث عن ملاذ في البيئات غير المستقرة سياسيا.. لذلك نرى أنه لا بد من حركة إصلاح ديني صحيح، تعيد للإسلام صفاءه، وتنقيه من الشوائب الكثيرة التي ألصقت به (فاستخدمت لضرب الدين نفسه، ومن داخله) وتحمي المسلمين من الوقوع تحت سندان الأعداء، ومطرقة ضالين من بني جلدتهم، يقومون على هذه التنظيمات وأعمالها الكارثية، ويشتغلون على تدمير الأمة وتشويه عقيدتها. إن كلا من هذه التنظيمات عبارة عن تيار «فاشي» استبدادي يسعى لفرض سيطرته وتسلطه، ومن ثم فرض فكره المتحجر على الناس، وتحويل حياتهم إلى جحيم لا يطيقه إنسان عاقل سوي الفكر والسلوك


 
إطبع هذه الصفحة