هل الولايات المتحدة الأمريكية فعلًا بلد المتناقضات إلى درجة مريعة غير منطقية؟ أم أن تلك التناقضات هي مصدر القوة والمنعة التي تتمتع بها تلك الدولة؟ وأنواع التناقضات كثيرة بلا شك، من أهمها الموقف السياسي الرسمي للحكومة الأمريكية الذي لا يهتم إلاّ بالمصالح على حساب المبادئ، وهو ما يتعارض بشكل كبير مع مواقف عامة الناس التي ترى في فطرتها ميلًا إلى الوقوف بجانب الحق ورفض الظلم ودفع الجور.
ومع كل ذلك التناقض الصارخ بين سياسات الدولة وطبائع الناس، فإن فرص النجاح الفردي فيها تظل الأقوى على مستوى العالم. إنها بيئة عجيبة للنجاح، ولذا فإن الأذكياء الموهوبين يستغلونها بقوة مدفوعين بروح وثابة للمبادرة وتحقيق الأهداف. وكم من الأمثلة التي نهضت من قلب وادي السيلكون منذ الثورة التقنية الكبيرة في التسعينيات من القرن المنصرم، ومنها أمثلة لشخصيات آسيوية (الهند والصين تحديدًا) رسمت قصص نجاح مذهلة حتى يومنا هذا.
وقبل أيام فقط احتفل السيد/ ترافيس كالانيك (38 عامًا) بالذكرى الخامسة لإنشاء شركة (أوبر) المتخصصة في خدمة نقل الأفراد عبر الاشتراك في خدماتها عن طريق الانترنت. اليوم لدى الشركة مليون سائق مسجل في نظامها الإلكتروني المبدع، وتنقل يوميًا أكثر من مليون شخص عبر العالم، وتبلغ مساحات مكاتبها في المدن المختلفة أكثر من مليون قدم مربع، وتعمل في 311 مدينة منتشرة في 58 دولة.
ثروة هذا الشاب تتجاوز 5 مليارات دولار. وثمة قصص نجاح أخرى مشابهة كثيرة ليس آخرها قوقل ولا فيسبوك ولا تويتر.
اقتراحي أن تقرأ الوزارات المعنية في بلادي هذه القصص المبهرة من النجاح، مع التركيز على بداياتها، ثم تطوير برنامج حاسوبي يحاكي الخطوات التي سلكها كل واحد من هؤلاء خطوة بخطوة، ثم لنشرع في التطبيق الافتراضي لكل من هذه النماذج على بيئتنا المحلية وضمن القوانين والأنظمة التي تحكمنا. ولننظر أين يمكن أن يواجه الشخص نفسه عقبة أو تحديًا ربما صده عن الاستمرار في مشروعه الذكي، والذي يعني حرمانه من المليارات إياها.
الأمل أن تغيب كل العقبات، وأن تكون بلادنا نموذجًا جميلًا للنجاحات.