سالم بن أحمد سحاب

شهد يوم الاثنين 1 يونيو الحالي انتصارًا حقيقيًّا مهمًّا لحقوق الإنسان عمومًا، ولحق المسلم خاصة، إذ صدر قرار المحكمة الدستورية العُليا في الولايات المتحدة الأمريكية لصالح السيدة الأمريكية المسلمة سامانثا إلواف في قضيتها ضد شركة ابيركومبي وفيتش العاملة في مجال بيع الملابس بالتجزئة.
القضية بدأت عام 2008 حين رفضت الشركة توظيف سامانثا عندما تقدمت للمقابلة الشخصية مرتدية حجابًا أسودَ يغطي شعر رأسها؛ باعتبار الحجاب جزءًا من عقيدتها، وحريتها الشخصية. لم تصمت سامانثا فبدأت مشوارها القضائي الطويل. وبالرغم من ارتفاع التكلفة المالية بالنسبة لها، إلاَّ أنها رأت في ذلك مبدأ أصيلاً، وقيمة كُبرَى تستحق الصبر والمعاناة. ومن محكمة إلى محكمة ذات مستوى أعلى. ومن شهر لآخر، ومن سنة إلى سنة أخرى. وفي كل مرة تخسر سامانثا الدعوى، وهي تستأنف حتى وصلت إلى المحكمة العُليا التي قضت بأنه لا يجوز حرمان أي شخص من التقدم لوظيفة، أو فصله من الوظيفة لاعتبارات دينية إطلاقًا. ويدخل في ذلك السماح بوقت مقتطع للصلاة مثلاً، أو منح إجازة المناسبات الدينية العامة مثل الأعياد. وقد صوّت للقرار 8 قضاة، واعترض واحد فقط. باختصار يعتبر مخالفًا لنصوص الدستور اتّخاذ قرارات التوظيف بناءً على الممارسات الدينية للشخص، سواء أفصح عن هذه الممارسات، أو المعتقدات، أو لم يفعل.
صحيح أن القضية استغرقت 7 سنوات حتى تم البت النهائي فيها، لكن اللطيف في الأمر أن الشركة ستتحمل كثيرًا من التكاليف الخاصة بالمحامين، كما ستدفع أجورًا تعويضية لسامانثا عن هذه الفترة.
لكن الأجمل من ذلك كله أن هذا القرار سيكون قطعيًّا، ونافذًا، وواجب التطبيق على كل قضية مشابهة تأتي لاحقًا، وعلى كل مستويات القضاء الأمريكي. وستلتزم كل المحاكم القضائية بتنفيذه، أي أنه بات (قانونًا قضائيًّا) نافذ المفعول، ولا مجال لاجتهاد أي قاضٍ مستقبلاً يصدر حكمًا بغيره، أو عكسه فضلاً عن نقضه.
وعندما يترسخ دور القضاء حتى لو طالت إجراءاته فإن كلا الطرفين والأضعف منهما تحديدًا سيشعر بالأمان والارتياح. وسامانثا كانت الطرف الأضعف الذي لا يملك شيئًا من إمكانيات وقدرات الطرف الآخر بثروته وشبكة مصالحه.