الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :الواسطة أم الفساد!
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 25/07/1436
نص الخبر :
سالم بن أحمد سحاب
الواسطة  أم الفساد!
لم تألُ الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد جهدًا في محاولة نشر الوعي بأهمية محاربة الفساد حتى آخر لحظة. والوعي في حال البشر معلم، لكنه غير ملزم، فمثلاً الوعي بخطورة التدخين وآثاره على الصحة والأسرة لا يعني بالضرورة إقلاع الناس عنه، أو حتى تناقص أعداد المتعاطين له. والدليل أن طائفة من الأطباء كانت ولا تزال تتعاطى هذا (المؤذي).
الحرب وحدها ستخفف من عدد المتعاطين للتدخين. والحرب تتجاوز مجرد التوعية عبر مطويات وإعلانات ومحاضرات إلى ممارسة السلطات التنفيذية أدوارها المطلوبة، ولو كانت بتدرج مجدول ومعلوم. ومن أنواع الحروب هنا رفع أسعار التبغ، والامتناع عن معالجة المدخنين إن تعرضوا لأمراض ناتجة عن التدخين، وإيقاع أشد العقوبات على من يفسد المراهقين بالتدخين، أو يمارس فعلته الشنعاء في الأماكن المحظورة.
أعود إلى مطوية توزعها هيئة مكافحة الفساد عنوانها: (الواسطة: مفهومها - حكمها - أسبابها - آثارها). لن أستعرض كل ما جاء في المطوية، وسأتجاوز التعريف الذي بات معلومًا من الحياة بالضرورة إلى العوامل التي دفعت إلى (انتشارها بشكل واسع، ممّا جعلها مكوّنًا ثقافيًّا راسخًا في الوعي المجتمعي). ومن هذه العوامل وأهمها (البيروقراطية الإدارية في عمل الأجهزة الحكومية، وطول الإجراءات وتعقيدها)، وكذلك (عدم مرونة الأنظمة ووجود الثغرات وسهولة تكييفها لبعض المصالح الخاصة).
كلام جميل. لكن السؤال هنا عمّن بيده الحد من هذه العوامل! لماذا لا يتم توجيه هذه الأسئلة مباشرة إلى المسؤولين عن البيروقراطية الإدارية؟ كيف يمكن للمواطن، وهو الحلقة الأضعف تغيير هذه السلبيات التي تمارسها الأجهزة الحكومية؟ لماذا لا تعمل الهيئة سويًّا مع الأجهزة الحكومية لتشخيص (مكامن) البيروقراطية، ولتقصير الإجراءات، ولحل تعقيداتها؟ لماذا لا تتّسم الأنظمة بالمرونة اللازمة التي يعم نفعها؟ لماذا لا تُسد الثغرات أولاً بأول بدلاً من انتظار مولد أنظمة جديدة قد تستغرق عقودًا؟
وإن كان في الماضي القريب والبعيد عذرٌ، فلا عذرَ اليوم بعد ولادة المجلسين المهمّين (مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية)، و(مجلس الشؤون السياسية والأمنية). وكلاهما صاحب قرار، وكلاهما يتأثر بالآثار السلبية للواسطة، وبالفساد عمومًا.
لا عذرَ بعد اليوم في مهادنة الفساد.

 
إطبع هذه الصفحة