الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :عندما يسجل المثقف موقفًا
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 28/05/1436
نص الخبر :
لمياء باعشن
عندما يسجل المثقف موقفًا
التعبير عن موقف ما مجاهرة والوقوف على خط المواجهة صراحة ثم التحرك تباعًا لذلك التعبير يعني أن المرء قد تعرض لامتحان لقوة إيمانه بمبادئه، وقد قرر أن يكون أمينًا مع نفسه التي قد تصالح معها إلى درجة يأبى عندها أن يكون منافقًا ومنفصمًا. كيف يحترم المثقف ذاته وهو يتحدث عن مبادئه المناصرة للإنسانية والحرية والعدالة، ثم يصمت ويشارك في مواضع يتم فيها إهانة الانسان وإقصاءه وظلمه؟
ولأن المثقف الحق لا بد أن يحترم ذاته فهو لا يرضى أن يتواطأ مع أوضاع سقيمة يستطيع أن يرى بوضوح أنها قامعة ومتعنصرة. هذا ما فعله الممثل الكبير مارلون براندو حين رفض في عام 1973 جائزة الأوسكار وصرّح بأنه يرفض الجائزة اعتراضًا على الصورة المسيئة التي يروج لها صنّاع أفلام هوليوود عن الأمريكان الهنود. وهذا ما فعله الكاتب الإسباني خوان غويتيسولو حين رفض في عام 2009 "جائزة القذافي العالميّة للأدب" باعتبار أن قيمتها المادية ستدفع من أموال الشعب الليبي واضعًا رفضه في إطار احترامه الخاص للشعوب التي تعاني الفقر والجهل في ظل حكومات مستبدة.
حين رفض الكاتب المصري صنع الله إبراهيم تسلم جائزة "ملتقى القاهرة للإبداع الروائي العربي" عام 2003 قال في كلمته بالجلسة الختامية للملتقى "أعلن اعتذاري عن عدم قبول (الجائزة) لأنها صادرة عن حكومة تسمح للسفير الإسرائيلي بالبقاء (في مصر) في حين أن إسرائيل تقتل وتغتصب". وكان رفض الروائية الفلسطينية سحر خليفة تسلم جائزة سيمون دي بوفوار عام 2009 مبني على أن لجنة التحكيم اشترطت إشراك الكاتبة الإسرائيلية تسفيا جرينفيلد بالجائزة، ورأت أن شرط المناصفة قيدها وأحاطها بحصار جديد.
هكذا تحرك سارتر وبرنارد شو وغيرهم من المتبنين لمفاهيم الحرية والمساواة في الحقوق. ومن هذا المنطلق قدّم الكاتب والشاعر شتيوي الغيثي استقالته من لجنة البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض الرياض الدولي للكتاب لهذا العام، معترضًا على التدخل والاستبعاد لعدد من الفعاليات التي كان من المفترض أن تكون موجودة في الجدول. ومن المنطلق نفسه رفضت الروائية أميمة الخميس المشاركة في فعالية شهادات روائية في معرض الكتاب منتصرة لكرامتها كامرأة ومعترضة على "عملية الفصل العنصري الذي يمارس ضد المثقفة السعودية بإقصائها عن المنصة الرئيسة". ثم قدم الكاتب والشاعر أحمد السيد عطيف موقفًا متفردًا حين انسحب مع عدد من الشعراء من الإيوان الثقافي بسبب طرد السيدات من الصالة، معبرًا عن موقفه بقوله: «أعتذر لأن هناك من يمنع النساء من الدخول، ليس لشيء إلا لأنهن نساء منـْعهن فيه استهتار بقيمة الحضور وبقيمتهن».
لا قيمة لمثقف إن لم يكن نبيلًا في مواقفه معبرًا عن تضامنه مع قضايا الإنسانية ومحتجًا على انتهاك حقوقها، وسواء قاطع أو رفض، انسحب أو امتنع، فهو في موقفه يستبدل العنف بإدانة مترفعة للظلم وباحتجاج متعفف على الانحياز، فيسجل بذلك اعتراضاته تنويريًا وفكريًا وسلوكيًا.

 
إطبع هذه الصفحة