الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :التجربة الأليمة من زمن الشتات إلى عودة الوعي
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 30/10/1435
نص الخبر :

رؤية فكرية

أ.د. عاصم حمدان
التجربة الأليمة 
من زمن الشتات إلى عودة الوعي
* كما حدث في الستينيات الميلادية، عندما اختار البعض أن يقف في معسكر واحد مع التيارات الثورية التي كان لها موقف مناوئ من هذه البلاد، وعبَّرت عنه بصور شتّى..
وكما حدث في التسعينيات الميلادية، عندما هاجم صدام حسين البلد العربي -الكويت- وقرّرت قيادة هذا البلد الدخول في جبهة عالمية لمقاومة ذلك الاحتلال الذي كان يتربص بنا، كما تربص بالشقيقة الكويت، فلقد رفض البعض -وفيهم كتّاب ومثقفون- أن يدينوا نزق وطيش حزب البعث، على خلفية تضامنهم مع مهرجانات المربد، التي كان نظام صدام يغري بها العقول والأقلام، كما أن جبهة داخلية أخرى انطلقت من موقف ديني شايعت وناصرت فيه الأحزاب السياسية ذات التوجّه الديني الصحوي، والتي عبّرت عن موقف سلبي من الموقف السعودي، وكشفت تلك الأزمة عن عدم وفاء رموز تلك الأحزاب ومشايعيها لهذه البلاد، مع أن بلادنا احتضنتهم في زمن الشتات، وفتحت لهم أبواب جامعاتنا، ومعاهدنا، وكان من الأفكار الخطيرة التي نشرها هؤلاء بين أبنائنا أنه ليس هناك ما يُسمّى بنوازع الولاء الوطني، فالمرجع من رؤيتهم التي ألبسوها مسوحًا دينية هو الحق وحده، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، عندما أوهموا مَن وقعوا فريسة لطروحاتهم أن هناك تعارضًا بين مفهوم الولاء للوطن، والمفهوم العقدي المحض، مع أن ذلك مخالف لطبيعة النفس البشرية، وكأنه لم تصافح أعينهم مقولة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يغادر مهاجرًا الأرضَ التي أحبَّ: «ما أطيبك وأحبّك إليَّ ولولا أن قومك أخرجوني منك ما سكنت غيرك».
* اليوم للأسف الشديد نجد في مجتمعاتنا مَن يشايع بعض الأحزاب التي تتوسَّل المقولات الدينية لبلوغ مقاصدها السياسية، بل ويشتطُّ هذا البعض إلى درجة الهوس، منتقدًا الموقف الرسمي منها، وهو الموقف المبني على أسس موضوعية وعقلانية. فلقد سبق أن لُدغنا منهم، وما أيديولوجية تفسيق المجتمعات المسلمة، وردِّها إلى الحقبة الجاهلية، وما نتج عن ذلك من هجر الأطفال لمنازلهم، وعقوقهم لآبائهم، وتركهم لأهليهم وعوائلهم، ورفع الزناد في وجوه مَن يشاطرونهم كلمة التوحيد والإيمان، كل ذلك -للأسف- هو ما تربَّى عليه البعض من بني قومنا، وكانت معاناة وتجربة مجتمعنا من جرّاء ذلك معاناة وتجربة أليمة.. ونحن بحاجة إلى عقود من الزمن لتستعيد مجتمعاتنا إيمانها الفطري، ووسطية أحكامه، وتسامح مقاصده، ليس فقط مع مَن يصلُّون إلى قبلتنا، ويأكلون ذبيحتنا، ويصهرون إلينا، ونصهر لهم، بل حتى مع مَن عاشوا من أهل الديانات الإسلامية، الذين حفظ لهم الدين الخاتم حقوقهم، وهذا ما ذكره بعض المفكرين الغربيين أمثال: Adol Ph- L- wismar في كتابه دراسة عن التسامح الديني، كما جسّدته سلوكيات النبي محمد، وأتباعه، يقول هذا الشاهد الغربي «إنه لمّا أخذ العرب يفتحون بلاد الشام، جعل الآخرون يرحبون بهم استبشارًا بالنجاة من نير بيزنطة»، ورفض أن يصلّي سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه -عند فتح بلاد الشام- في كنيسة القيامة، وقال مقولته المشهورة: «ما كان لعمر أن يصلّي في كنيسة القيامة، فيأتي المسلمون من بعيد، ويقولون: هنا صلّى عمر، ويبنون عليه مسجدًا».
* إن هذه البلاد تدين بشرع الله، وجعل المولى فيها كعبته، ومثوى رسوله صلى الله عليه وسلم، وقصدها العلماء، والمصلحون لأخذ العلم من منابعه الحقيقية، وعلينا جميعًا أن ندين بالولاء لهذا الوطن وقادته، ونستمع لصوت الحكمة والعقل في دواخلنا

 
إطبع هذه الصفحة