الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :القادم .. والله أعلم
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 27/10/1435
نص الخبر :

أ.د. سامي سعيد حبيب
القادم .. والله أعلم
لا يكاد يخلو ركن من أركان المعمورة في هذه الحقبة من تاريخ البشرية من بؤرة توتر وصراع ، وفي اللحظة التاريخية الراهنة ثمة بؤرتان هما الأسخن على مستوى العالم وكل منهما قد تجر الأخرى معها وإلى عواقب وخيمة على مستوى العالم. صراع على أرض المحشر في الشام ،في فلسطين أولى القبلتين بين المسلمين وقوى الشر وعلى رأسها دولة الصهاينة في فلسطين ومن حالفها ، إسرائيل التي لا ترى في قتل حتى الأطفال الرّضع من بأس بل تعتبره بعض قياداتها الدينية تقرباً إلى الله وكلما توهم الناس حلاً سلمياً أشعلت دولة صهيون نار الحروب غير المتكافئة من جديد ، وآخرها حرب "الجرف الصامد" التي لا تزال مستعرة تقف فيها الآلة العسكرية لأحد أقوى جيوش العالم تسلحاً ضد قطاع غزة وأهله الأشاوس. وفي سوريا عاصمة الدولة الأموية صراع طائفي علوي سني والقتل الذريع لأهل السنة بالشام حتى بلغ تعداد قتلاهم مئات الألوف والعد مستمر بوتيرة متصاعدة ، والمسلمون في فرقة حتى من أمر واضح كهذا وضوح الشمس في رابعة النهار. وثالث ببلاد الرافدين حيث زرعت كل من أمريكا و إيران دولة طائفية بامتياز تضطهد أهل السنة وعندما ثار العراقيون السنة بعد سنين من الاضطهاد كانت أمريكا قد أوجدت لنفسها ذريعة للتدخل في بلاد الرافدين و في سوريا من خلال صنيعتها "داعش" الإرهابية التي تقترف كل يوم جرماً أكبر من سابقاته مبررة هي ومن كان على شاكلتها الذرائع لجيوش الغرب لتقرع أبواب المنطقة من جديد ، كل ذلك تنفيذاً لخطط مسار "الشرق الأوسط" الجديد ، وهو كما يصوره المخططون مكون من دويلات طائفية متناحرة تهيمن عليها إمبراطورية يهودية "إسرائيل الكبرى".
بؤرة الصراع الساخنة الأخرى الأزمة الأوكرانية المتفاقمة حيث يتهم الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية يتهم روسيا بالإرهاب و بإسقاط الطائرة الماليزية رحلة إم أتش – 17 فوق أجواء مدينة "دنبس" الأوكرانية في 17يوليو 2014 م ، و قيام الإدارة الأمريكية على إثرها بالضغط على الاتحاد الأوربي بحصار روسيا اقتصادياً ، وكذلك بتحريض حكومة أوكرانيا الحالية على شن حرب لاستعادة شبه جزيرة القرم من روسيا التي أعادت احتلالها من قريب. والسبب ، و إذا عرف السبب بطل العجب ، الصراع على العملة الإستراتيجية لبيع الغاز الطبيعي الذي يعتبر و حتى الآن مصدر الطاقة الأول للقرن الحادي والعشرين. فأمريكا تريد أن تقرن بيع الغاز الطبيعي في العالم بالدولار الأمريكي كعملة إستراتيجية تماماً كما كان الحال مع النفط في القرن الماضي لتبقى مهيمنة على الاقتصاد العالمي ، بينما الدولار في صبب ويوشك زمنه على الأفول.
وعلى الرغم من أن الصراع المشار إليه في الفقرة أعلاه لا يزال حرباً نقدية اقتصادية إلا أن روسيا تستعد لحرب عالمية ساخنة تتطور إلى حرب نووية عالمية فهي ليست العراق أو أفغانستان و لا سوريا أو فلسطين بل هي روسيا النووية ذات الألوف المؤلفة من الأشكال والأجيال المتطورة من الرؤوس النووية ، و ذات أقوى نظام مضاد للصواريخ في العالم. وهي تستعد لتلك الحرب القادمة بجدية مطلقة من أهمها تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية. و بإنشاء حلف اقتصادي جديد في 14 أبريل 2014 م يدعى اختصارا BRICS وتم الإعلان في المؤتمر الذي عقد في البرازيل عن تشكيل سلة عملات معتمدة لبيع الغاز في العالم بدلاً من الدولار و نظام البنك الدولي و صندوق النقد العالمي اللذين يدوران حول محور الدولار ، وآخر سياسي هو حلف شانقاهاي التعاوني ، وهو حلف إستراتيجي مع الصين لاستقرار وسط آسيا ، و أخيراً حلف عسكري يضم دول ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي.
وبالرغم من تراجع الصورة الذهنية لإسرائيل وقوتها ، وأمريكا و "عظمتها" والغرب ومشروعه الاستعماري من جديد ، لا يزال العرب مغيبين عن الصورة الشمولية لما هو آت ، لكن ما هو آت لن يستثنيهم فالناموس الرباني لا يحابي أحداً. إما الاستعداد أو التهميش المطلق وليعود العرب كما كانوا قبل الإسلام قبائل تقتل بعضها البعض يهيمن عليهم إمبراطوريات أجنبية، فاللهم حفظك للإسلام والمسلمين في كل بقاع المعمورة.

 
إطبع هذه الصفحة