الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :حين تخضع الجامعات لسوق العمل
الجهة المعنية :التعليم العالي
المصدر : جريدة عكاظ
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 24/10/1435
نص الخبر :

فرض «سوق العمل» شروطه على الجامعات وأصبح هو المتحكم الأول في تحديد التخصصات التي ينبغي أن تعنى بها والمناهج التي يتوجب عليها اعتمادها والعلوم التي تكون موضع اهتمامها. وكانت نتيجة ذلك كله أن تم إغلاق كليات واختفاء أقسام وما لم يتم إغلاقه تحول إلى منفى لمن لم تؤهله درجة نجاحه في التعليم العام لدخول الكليات والأقسام التي يرحب سوق العمل بمخرجاتها أو إلى مكان لمن «ضيع في الأوهام عمره» وقاده عشقه لعلوم كعلم الاجتماع أو علم النفس أو علوم اللغة العربية دون أن يأخذ عبرة من المصير الذي انتهى إليه من سبقوه إلى هذه الأقسام فانتهى أمرهم إلى أن أصبحوا قعودا على رصيف البطالة يعجز علم النفس عن علاج اكتئابهم ويعجز علم الاجتماع عن تفهم وضعهم وينفض التاريخ يدهم مما آلوا إليه فلم يشهد قبلهم من انتهى به علمه إلى أن يكون سببا في بطالته. فرض سوق العمل شروطه على الجامعات فانتهت إلى ما يوشك أن يجعلها أقساما ملحقة بشؤون الموظفين في الشركات والمؤسسات لا وظيفة لها غير وظيفة أن تلبي لشؤون الموظفين في هذه الشركات والمؤسسات ما يتطلبونه من تخصصات وتهيئة مخرجات الجامعات لكي تكون مطابقة للمواصفات والمقاييس التي تتطلبها الشركات والمؤسسات فيمن تفتح أبوابها لهم وتمنحهم وظائفها. لم تعد الجامعات هي قائدة التقدم والتحضر في المجتمع ولم تعد هي الرأس المفكر لأمة تحرص أن يكون فيها العلماء في كافة جوانب المعرفة، لم تعد الجامعات قائدة بل أصبحت مقودة لحاجات السوق ومنقادة لشروطه ومنفذة لمتطلباته. وإذا لم يكن هناك بد من التسليم بأن دور الجامعات ينبغي أن يتضمن تهيئة خريجيها للحصول على العمل والظفر بوظيفة فإن علينا أن ندرك أن من المفترض أن يكون سوق العمل سوقا سليما شاملا قادرا على استثمار كافة الكفاءات وجميع التخصصات وليس سوقا محصورا ومحاصرا تتحكم فيه شركات استثمارية تجارية لا تبحث إلا عن تخصصات محددة تدير بها إنتاجها وتروج بها لأسواقها. وإذا كان هذا ما انتهى إليه أمر جامعاتنا التي لم يتجاوز عمرها نصف قرن فإن علينا أن نتذكر أن جامعات عالمية بلغت من العمر قرونا عدة لا تزال تهيئ طلابها لمختلف جوانب المعرفة وكافة التخصصات والعلوم، لم تغلق كلية ولم توقف القبول في تخصص، وما ذاك إلا لأنها تعمل في مجتمع قادر على استثمار كافة مخرجاتها وليس منقادا لسوق عمل لا يرى في خريجي الجامعات سوى أنهم أدوات إنتاج لا قيمة لها إلا بمدى صلاحيتها للعمل في متاجره ومصانعه.

 
إطبع هذه الصفحة