الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :ديمقراطية التلويح بالأوراق أم أخرى تتصارع بالأيدي؟!
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 28/07/1435
نص الخبر :
أ.د. عاصم حمدان
الثلاثاء 27/05/2014
ديمقراطية التلويح بالأوراق أم أخرى تتصارع بالأيدي؟!
* نقلت وكالات الأنباء لسياسيين ينتمون لدولة شرق أوسطية صورًا وهم يتبادلون «الركل» مع بعض المتظاهرين مع أن هذه الدولة تأخذ ببعض الأشكال الديمقراطية في الحكم، كما شاهدنا - أيضًا- خلال السنوات الماضية بعض أفراد البرلمانات في بلاد كاليابان وكوريا يتصارعون ويتبادلون اللكمات، وهذه المظاهر لا توجد مطلقًا في برلمانات الدول الغربية التي تمرَّست بالنهج الديمقراطي على مدى قرون عدة، ففي الشارع الغربي لا يتعدى احتجاج المتظاهرين رميَ حبات البيض على الشخصية السياسية، وأتذكر أن هارولد ويلسون WILSON الذي كان رئيسًا للوزراء في بريطانيا في الحقبة 1964-1970م، ثم من 1974-1976م حيث استقال فجأة، قد تعرض لحادثة من هذا النوع، وقد قابل الموقف بابتسامة وكان معروفًا عنه الهدوء حتى في مداخلته في مجلس العموم البريطاني، بل أضاف قائلاً للصحافيين بأنه كان سعيدًا لأن المواطن البريطاني عبر عن احتجاجه على سياسة الحكومة الاقتصادية بهذه الطريقة التي هي أقرب إلى المداعبة منها إلى شيء آخر.
وفي داخل البرلمان إذا سمع المتحدث باسم مجلس العموم البريطاني أصواتًا مرتفعة أثناء استجواب رئيس الوزراء، أو أحد أعضاء الحكومة أو زعيم المعارضة فإن الكلمة التي تعيد للمجلس هدوءه وانتظامه، هي كلمة order - أي نظام-، وإذا كان هناك سلوك جماعي من الصفوف الخلفية في البرلمان أو من يطلق عليهم صفة أو اسم Benches، فإن السلوك المعبر عن الرفض والاحتجاج هو التلويح بالأوراق البيضاء.
* وعندما قام أحد أعضاء حزب المحافظين «معارضة» - عندما كان حزب العمال في السلطة بزعامة جيمس كالاهانCallaghan 1976-1979 وهذا العضو هو مايكل هيزلتاين Heseltine، المتحدث آنذاك في الشؤون الصناعية والذي أصبح فيما بعد وزيرًا للدفاع في حكومة تاتشر، وكان بمواقفه من أسباب استقالتها عام 1990، لقد أقدم - هيزلتاين- آنذاك وأثناء نقاش برلماني بالإمساك بصولجان السلطة «Mac» في إشارة منه إلى أن الحزب الحاكم قد أخلّ بنهج الولاء للسلطة العليا.
* هذا السلوك اعتبر صدوره من «هزلتاين» خروجًا على المألوف وتشكيكًا في ولاء حزب العمال للوطن، وطلبت زعيمة المعارضة «تاتشر» من زميلها «هيزلتاين» بالتنسيق مع المتحدث باسم مجلس العموم الاعتذار العلني في المجلس.
ولا يمكن تصور أن تخرج النقاشات في مجلس العموم إلى شيء من هذا الذي نجده عند دول حاولت احتذاء النموذج الديمقراطي الغربي ولكنها تناست أو غفلت أن هذه الممارسات الديمقراطية الغربية لا تستورد ولكنها نتاج سياق حضاري وفكري مغاير تمامًا ويبقى للآخرين أن يقلدوا ولكن ليس من المستساغ أن يتصارعوا أو يركلوا.

 
إطبع هذه الصفحة