الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :هل أصبح مجتمعنا وجبة دسمة للفضائيات ؟
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 30/05/1435
نص الخبر :
أ. د. عبدالله مصطفى مهرجي
الإثنين 31/03/2014
هل أصبح مجتمعنا وجبة دسمة للفضائيات ؟
نمرٌ عربي من فصيلة نادرة قُتل في وادٍ بأطراف مكة المكرمة، وطفلة تاهت عن أهلها في الملاهي، واختلاف في مجلس إدارة نادي الاتحاد، وعنف في المدارس، وتحرش بالقاصرات، ومشكلة الخادمات وتأخر التأشيرات، وقيادة المرأة السعودية للسيارة ..هل هي قضية أم مبدأ... الخ.
هذه مجموعة بسيطة من الأخبار التي تُعد أمثلة يسيرة جداً من شؤون مجتمعنا التي أضحت مادة دسمة وشهية للفضائيات العربية، وكثير من هذه المواضيع تعتبر شأناً سعودياً بحتاً، وبعضها قد يكون ليس من أولويات مواضيع الشأن العام أو ربما لا يهم شرائح واسعة من المجتمع السعودي.
فلماذا تتصدر أخبار مجتمعنا دِقها وجُلّها نشرات الأخبار والبرامج في الفضائيات العربية وتكون مثار نقاش واسع وجدال مثير في برامج خاصة موجهة لمجتمعنا.أهو قصور من قنواتنا المحلية في التطرق لمواضيع الشأن المحلي ومعالجتها بالشكل الجاذب للمشاهد السعودي، أهو فضول من المتصلين المشاهدين وهم مصدر غني لميزانية تلك القنوات التي تقوم أساساً على المعلن السعودي وبضاعته التي لا تنضب، أم السبب هو المالك أو الشريك السعودي لكثير من تلك القنوات، أم هو... وهو... وهو...!؟.
تعددت الأسباب والاستغلال واحد، فهل نحن مجتمع استهلاكي حقاً لدرجة أننا أصبحنا عالة على الإعلام المجاور لكي يناقش ويفصٌل ويعالج قضايا مجتمعنا.ومَنْ المتحدثون؟! إن معظم هؤلاء المتحدثين هم من بني جلدتنا، على طريقة هذه بضاعتكم رُدت إليكم.
فهل وجدنا قنواتنا الفضائية تناقش قضايا المجتمعات العربية المجاورة والشقيقة كما تناقش قنواتهم الفضائية قضايا مجتمعنا، رغم تزايد أعدادها وهي تبث أحياناً برامج بلا هدف وأخرى تهدف إلى إثارة الغرائز، وغسل الأدمغة وزعزعة مبادئنا وقيمنا وأخلاقنا الحميدة بغرض الإمالة إلى الربح والنظرة التجارية، مستغلة احتلالها مساحة كبيرة في أذهان المشاهدين واهتماماتهم وقد غلب عليها الجانب السلبي وبعضها يختلط فيه السلبي بالإيجابي، والقليل منها يتناول الجانب الإيجابي. وهذا لا ينفي وجود فضائيات تستحق الاحترام والمتابعة حقاً لما تتمتع به من مصداقية ومستوى فكري راقٍ، وهي بذلك تؤسس مجتمعات راقية سوية محافظة ولكنها تضيع وسط قنوات أخرى تبث الإسفاف بل وتدس سموم الفتنة الطائفية حيث أنها وجدت ضالتها في المجتمع السعودي من خلال قابلية شبابه المغامر وازدياد حجم سوق المشاهدة والإعلان التجاري لدعم برامجها، فضلاً عن غياب المثقفين السعوديين والمتخصصين في علوم الاجتماع والاتصال والإعلام، كل هذه المعطيات جعلت من المجتمع السعودي وقضاياه وليمة دسمة لبعض الفضائيات التي تتنافس على سوق المشاهدة والإعلان التجاري، وبقدر ما هو ذلك ضريبة لحالة انعزال مجتمعنا الذي كان يعيشه في السابق بعيداً عن أضواء الإعلام، فهو عجز للمؤهلين من مثقفينا عن تقديم مجتمعهم بصورته الحقيقية.
إذاً من المهم أن يكون طرح القنوات الفضائية العربية للقضايا والحقوق بطريقة منضبطة وثوابت وقيم لا تتعارض مع الحياء، والإسهام في التوعية، واستشعارها مسؤولياتها الوطنية والاجتماعية، والمحافظة على المصداقية والأمانة فيما يُبث عبرها احتراماً لقيم المجتمعات وأخلاقياتها، بدلاً من تعمدها إثارة الفتنة الطائفية والتفرقة العنصرية في المجتمع والعمل على كشف حقائق سلبية غير واضحة لقضايا الشارع السعودي أو المنطقة العربية والعالم الإسلامي، أو نشرها الغسيل أمام بقية المجتمعات العربية فهي بذلك تلعب بالنار وتتعدى الخطوط الحمراء بضربها المعتقدات والثوابت وتغاضي الإيجابيات.
والواجب على مجتمعنا الابتعاد عن مثل هذه القنوات، والحرص على تخصيص أوقات المشاهدة حيث أن المشاهد طفلاً كان أم شاباً أم رجلاً أم امرأة يتأثر بما يشاهده في المحطات الفضائية وهو هدف من الأهداف التي تسعى إليها هذه المحطات، وعلى الأسرة أو البيت أن يقوم بدوره في التربية لمواجهة هذا المدّ وتحصين الأبناء من تأثير هذه القنوات فمعظم النار من مستصغر الشرر، فلسنا مجتمع المدينة الفاضلة، ولكننا لا نرتضي تزوير صورة مجتمعنا واستغلالها، وتجاوز إيجابياتنا وتهشيم صورتنا الحقيقية من قبل المغرضين، فاليوم نحن وجبة دسمة للفضائيات ونأمل ألا نتحول غداً وقوداً لماكينتها الإعلامية!.


 
إطبع هذه الصفحة