الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :الرقابة المستقلة »..عينٌ أُخرى تراقب الفساد
الجهة المعنية :كلية الاقتصاد والإدارة
المصدر : صحيفة الشرق
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 29/02/1435
نص الخبر :

« الرقابة المستقلة »..عينٌ أُخرى تراقب الفساد

جانب من لقاء كلية الاقتصاد لمناقشة الاستراتيجية الوطنية للنزاهة (الشرق)

جدةسعود المولد

الشريف: لدينا 400 عنصر للرقابة.. ونخطط لافتتاح فروع في جميع المناطق.
حجم المشاريع المتعثرة يناهز الـ 120 مليار ريال.. وحلول مكثفة لاحتواء الظاهرة.
استراتيجية مكافحة الفساد افترضت التكامل بين الأنظمة والأجهزة الرقابية.
مصادر: إنشاء هيئة مستقلة للرقابة يضمن الوفاء بحقوق جميع الأطراف.

أعاد الشورى مجدداً طرح قضية الرقابة على المشاريع المتعثرة في جلسته التي عقدها أمس الأول، مستحسناً إنشاء هيئة مستقلة للإشراف على المشاريع الحكومية ومتابعة تنفيذها. لكن الفكرة تبدو استزادة لا حاجة لها في ظل تعدد الجهات الرقابية وتنوع مهامها وتشابكها وتداخلها إلى الحد الذي كان ينبغي معه أن تكون النتائج مبهرة. فإنشاء هيئة رقابية جديدة لا يبدو أنه مربط الفرس في أزمة المشاريع الحكومية المتعثرة، وإنما تلح على المشهد عناصر أخرى أكثر تأثيراً أهمها إجراءات ترسية المشاريع الحكومية والصرف المالي وآليات المتابعة والتسلم والتعديلات، التي تطرأ على مسارات التنفيذ، فضلاً عن بيئة العمل وما ينتابها من إجراءات قد تدخل في نطاق الفساد المالي والإداري.

تكامل استراتيجية النزاهة

وفي هذا السياق، أوصى لقاء علمي في كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة بالتعاون مع مركز الخليج للأبحاث أمس الثلاثاء بضرورة تفعيل كل بنود الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد وتحقيق الشفافية والنزاهة، وتعميم إنشاء إدارات أو أقسام في الوزارات وكل الجهات الحكومية لتعزيز المراقبة من أجل تحقيق مزيد من النزاهة في هذه الجهات ومحاصرة البيروقراطية والفساد المالي والإداري، وضرورة الاعتماد على الدراسات العلمية والأكاديمية في عمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

فروع لنزاهة في جميع المناطق

وكشف رئيس «نزاهة» محمد بن عبدالله الشريف أن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تدرس حالياً افتتاح فروع لها في مناطق المملكة المختلفة بعد أن تم تجهيز المقر الرئيس في الرياض وتم اختيار 400 عنصر للعمل به وفقاً لأسس دقيقة في الاختيار، ثم أعقب ذلك التأهيل والتدريب المناسب بما يمكنهم من القيام بالمهام المنوطة بهم، التي تنفذها الهيئة. وأكد تأييده إعادة النظر في العقوبات والغرامات على المتورطين في قضايا الفساد كون اللوائح المعمول بها حالياً صدرت منذ فترة طويلة وتحتاج إلى المراجعة والتطوير. وبيّن أن الفساد ظاهرة عالمية وقديمة، ولها أسباب متعددة من أهمها غياب الوازع الديني والأخلاقي ووجود قدوة من بين ضعاف النفوس، الذين يقتدي بهم غيرهم في هذا الاتجاه الخاطئ. ملمحاً إلى أهمية الدور الذي يضطلع به المواطن لكشف هذا الفساد.

مكافحة جميع أنواع الفساد

وقال الشريف إن «نزاهة» معنية بمكافحة جميع أنواع الفساد ومراقبة العوائق التي تمنع وصول الخدمات إلى المواطنين بالشكل المطلوب والصورة المناسبة، مع الحفاظ على المال العام والممتلكات العامة، مؤكداً عدم وجود أي تضارب في عمل الهيئة مع جهات أخرى، مثل: ديوان المراقبة العامة أو هيئة الرقابة والتحقيق، بل هناك تكامل بين هذه الجهات. وكشف الشريف أن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد دعت الجامعات الحكومية والأهلية إلى إقامة نادٍ باسم (نزاهة) يشارك الطلاب في تكوينه وإدارته وتنظيم فعالياته وفي مقدمتها ورش العمل واللقاءات ونشر التثقيف والتوعية من رسائل ولوحات وملصقات وتوزيع نشرات وذلك في نطاق رسالة الجامعات ودورها في المجتمع، وأن الهيئة ستكون خير معين في المشاركة وتوفير الإصدارات واللوحات والوسائل التي تحوز عليها.

نحو هيئة مستقلة

وحين تأسست الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وضعت نصب أعينها رسالة أكدت أنها تتمثل في العمل على حماية النزاهة ومكافحة الفساد في الأجهزة المشمولة باختصاصات الهيئة لإيجاد بيئة عمل في تلك الأجهزة تتسم بالنزاهة والشفافية والصدق والعدالة والمساواة. وهو دور تكاملي لا غنى عنه للمنظومة الرقابية في المملكة، حيث أسهمت «نزاهة» في الكشف عن عديد من المشاريع المتعثرة، التي انطوى تنفيذها على فساد بيّن، فضلاً عن كشفها عن ممارسات إدارية ومالية خالطها فساد إداري بدرجات مختلفة. لكن على الجانب الآخر، شكا عديد من المقاولين من مسألة العقد السيادي الذي يحكم علاقة المتعاقدين في الوقت الراهن، الذي اعتبروه مضراً بكثير من المتعاملين مع مشاريع الحكومة ويعيق عملهم ويغلب مصالح وحقوق طرف على آخر، معتبرين أن مرد ذلك إلى عدم وجود جهة معتمدة تملك الصلاحيات الكاملة لمراجعة كل مراحل المشاريع ومعرفة أسباب التعثر والتأخير وإعطاء كل ذي حق حقه.

120 ملياراً حجم «المتعثرة»

ويعتبر المشروع متعثراً عندما يبدأ العمل فيه ضمن جدول زمني، ثم يتوقف لأسباب قد تكون خارجة عن إرادة المقاول في موقع التنفيذ، أو قصور من المقاول ذاته، أو عوامل أخرى مختلفة تتمثل في ثلاثة مرتكزات رئيسة إدارية، فنية ومالية. وبينما يقدر إجمالي تمويل المشاريع المنفذة حالياً في المملكة بنحو 400 مليار ريال، تشير مصادر إلى أن حجم المشاريع المتعثرة لا يتجاوز 120 ملياراً استناداً إلى تصريح أدلى به رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» محمد الشريف لإحدى الصحف قبل أيام قليلة. وأوضح أن حجم المشاريع المتعثرة في المملكة لا يتجاوز 30% من إجمالي المشاريع المنفذة في الوقت الراهن. ولاشك أن ضخامة الرقم دفعت إلى التفكير في حلول كان أقربها إلى الواقع استحداث لجان وهيئات جديدة للتحقق من أسباب التعثر ومعالجتها لمنع الهدر للمال العام وتحجيم ظاهرة تأخير التنفيذ ما يراكم المشاريع ويؤجل الاستفادة منها.

سلطات ديوان المراقبة

وقد دعت هذه الحالة إلى الإلحاح لإنشاء هيئة مستقلة للرقابة، رغم وجود جهاز حكومي متخصص فيها وهو ديوان المراقبة العامة، الذي يختص وفقاً للمادة السابعة من نظامه بالرقابة اللاحقة على جميع إيرادات الدولة ومصروفاتها، وكذلك مراقبة كل أموال الدولة المنقولة والثابتة ومراقبة حسن استعمال هذه الأموال واستغلالها والمحافظة عليها. كما يختص الديوان بموجب قرار اللجنة العليا للإصلاح الإداري المعتمد بالموافقة السامية، بالرقابة على أداء الأجهزة الحكومية للتأكد من استخدام الجهات المشمولة بالرقابة لمواردها بكفاءة واقتصادية، والتحقق من نجاح تلك الجهات في تحقيق الأهداف المرسومة لها.
ويحق للديوان أن يطلب من هيئة الرقابة والتحقيق إجراء التحقيق اللازم مع الموظف المسؤول عن التأخير في موافاة الديوان بالإجراءات التي تم اتخاذها حيال ما يتم الإبلاغ عنه من ملاحظات، إذا تأخر الرد أكثر من شهر. ويتعين على كل جهة وفق المادة 17 من نظام الديوان إحاطة الديوان فور اكتشافها لأي مخالفة مالية أو وقوع حادث تترتب عليه خسارة مالية للدولة، وذلك دون إخلال بما يجب أن تتخذه تلك الجهة من إجراءات. ولا يكتفي الديوان بتنفيذ الخطوات المشار إليها، بل يعمل في إطار تطبيق مفهوم الرقابة الإيجابية الشاملة وتقويم الأداء على معاونة الأجهزة المشمولة برقابته في تصويب الأخطاء ومعالجة المخالفات وتصحيح المسار وفق الأنظمة المرعية، من خلال تقديم التوصيات واقتراح الحلول العملية المناسبة بهدف الإسهام في الوصول إلى إدارة حكومية كفؤة وقادرة على النهوض بمهامها وتحقيق أهدافها المرسومة بفعالية تامة، كما يسعى الديوان إلى تعزيز الالتزام بمبادئ الشفافية والعرض والإفصاح والتأكيد على وجوب احترام الأنظمة وترسيخ مفهوم المساءلة ومحاسبة المقصرين.

وحدات الرقابة الداخلية

واتخذ مجلس الوزراء خطوة إضافية مهمة على سبيل تحسين عملية الرقابة على المشاريع الحكومية المتعثرة، حين قرر قبل عشر سنوات تأسيس وحدة للرقابة الداخلية في كل جهة مشمولة برقابة ديوان المراقبة العامة، وأعقبه بعد ثلاث سنوات بالموافقة على اللائحة الموحدة لوحدات المراجعة الداخلية في الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة، وتم تكليف الديوان وفقاً للمادة 22 من اللائحة بمتابعة إنشاء وحدات المراجعة الداخلية وتفعيل دورها في الأجهزة المشمولة برقابة الديوان. وقد شكّل ذلك دفعة قوية للديوان لمباشرة مهامه وهو ما بلغ ذروته بتوجيه خادم الحرمين الشريفين، الذي تضمن تفعيل دور ديوان المراقبة العامة، خاصة في ظل ما تشهده البلاد من نمو اقتصادي رافقه نمو كبير في المشاريع الضخمة للبنى التحتية.

شروط نجاح الرقابة

وفي سياق متصل، أكد رئيس ديوان المراقبة أن الديوان بادر منذ وقت مبكر للاستفادة من التوجه الدولي الحديث لاعتماد تطبيق مفهوم رقابة وتقويم الأداء وتأكيد أهمية تحسين جودة خدمات الجهات المشمولة برقابته، وسعى لإيجاد الوسائل والآليات المناسبة لتحقيق ذلك، مشيراً إلى أن توافر مؤشرات علمية وموضوعية لقياس كفاءة أداء الأجهزة الحكومية شرط أساسي لتحقق النتائج والأهداف المرجوة منها. لكن ثمة عقبات كبيرة تعترض إتمام الديوان لحلقة الرقابة على نحو أكثر شمولية ودقة، نتيجة لاستمرار بعض الجهات الحكومية بالتوسع في تطبيق أسلوب التكليف المباشر لتنفيذ بعض أعمالها وتأمين احتياجاتها، وتضمين تلك الجهات في العقود شروطاً ومواصفات تلزم المقاولين بتأمين سيارات وأجهزة لجهاز الإشراف لتمكينه من القيام بمهامه الأمر الذي دفع ديوان المراقبة لإعادة دراسة مثل هذه العقود لتخفيض مبالغ العقود. وقد أسهمت جهود الديوان في استعادة 787 مليون ريال للخزينة العامة للدولة خلال عامين.

أنظمة تنتظر التفعيل

وكانت لجنة تطوير الأجهزة الرقابية قد خلصت إلى ضرورة التعجيل بتحديث وإصدار ثلاثة أنظمة رقابية تشمل نظامي هيئة الرقابة والتحقيق وديوان المراقبة العامة ونظام تأديب الموظفين. وتوصلت اللجنة في هذا السياق إلى أن ما يعيق حركة الجهات الرقابية ودورها في حفظ المال العام، القيود البيروقراطية المفروضة على التوظيف والاعتمادات المالية من قبل وزارتي المالية والخدمة المدنية، وطالبت باستحداث وظائف عاجلة مع استكمال تنفيذ قرار إعادة هيكلة الأجهزة الرقابية، وهو ما سيؤدي إلى مناقلات بين المحققين في الديوان والهيئة وفقاً لما يقتضيه تخصص كل جهة بعد الهيكلة.

الشريف يتحدث خلال اللقاء أمس (الشرق)


 
إطبع هذه الصفحة