الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :لسنا بحاجة لطائرات ولا لتيارات نائمة لتفريق السحب
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة عكاظ
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 08/01/1435
نص الخبر :
تصاعدت في الآونة الأخيرة إشاعات فحواها أن طائرات مجهولة المصدر تقلع في سماء جدة في أوقات تكاثف الغيوم لترش عليها مواد كيميائية لتفريقها. وهذه الشائعات تم نفيها حتى الآن من الجهتين المتهمتين بها وهما أمانة مدينة جدة والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة.
وفي تقرير صحفي نشر في عكاظ عزا رئيس مركز التغير المناخي في جامعة الملك عبدالعزيز الأسباب المؤدية لعدم هطول الأمطار في جدة إلى قلة المنخفضات الحركية على شرق البحر الأبيض المتوسط المصاحبة عادة لجبهات هوائية باردة تتحرك من الغرب إلى الشرق ويمتد تأثير هذه المنخفضات حتى (منطقة مكة المكرمة)، وضعف قوة التبريد العلوي في طبقات الجو العليا، وضعف نشاط منخفض السودان على مستوى سطح الأرض الذي هو عبارة عن تيارات جنوبية غربية رطبة ودافئة تتحرك إلى شمال المملكة، وفي الراهن فإن (هذه التيارات نائمة) ما يفسر غياب هطول أمطار في جدة!!
إذا نحن هنا بين تفسيرين لعدم هطول الأمطار على مدينة جدة أحدهما يعنى بالتفريق المتعمد للسحب والآخر بالتيارات النائمة!!. والتفسير الأول لا يعنينا لأنه مازال في طور الشائعة ولم يتم إثباته أو الاعتراف به من أية جهة كانت. أما التفسير الثاني فرغم عدم تخصصي في التغير المناخي لا أراه مقنعا، (فكيف لهذه التيارات النائمة أن تتحرك حول جدة على مكة المكرمة وعلى كافة نواحي المنطقة وتنام فوق جدة وحدها).
ولذلك لن أقبل أيا من التفسيرين وسأعيد طرح تفسير علمي سبق أن طرحته سنة (2000م) أي قبل 14 سنة من الآن في مقالة بعنوان (مسارات التلوث) نشرت هنا في زاويتي الأسبوعية في عكاظ. فقد أثبت العالم دانيال روسنفيلد حينها في بحث نشره في مجلة العلوم Science الأمريكية في العاشر من مارس من ذلك العام أن تلوث الهواء في المجمعات الحضرية والصناعية الكبرى يمكن أن يمنع تساقط الأمطار والثلوج لأن التلوث يمنع بخار الماء من التكاثف للحجم اللازم لتكوين قطرة مطر أو رقيقة ثلج. ويفسر العالم ما يحدث بأن التلوث يمنع القطيرات الصغيرة من الماء من التلاقح والاندماج حيث نحتاج إلى حوالي مليون قطيرة لتكوين قطرة واحدة من الماء بحجم كاف للهطول تحت مستوى السحاب والوصول للأرض. وفي ورقته العلمية عرض روزنفيلد الصور الفضائية الأولى لمسارات التلوث على الأرض في مناطق اشتهرت به في تركيا وكندا واستراليا حيث بدت تلك المسارات على شكل أعمدة ضيقة طويلة تمتد من مصادرها في المناطق الصناعية والحضرية لمسافات طويلة في السماء وتمنع هطول الأمطار تحت تلك المسارات. ولقد أسهم هذا البحث في تغيير الانطباع القديم السائد بأن التلوث يجلب الأمطار..
ولقد حاولت في مقالة أخرى بعنوان «أجواء جدة الكالحة» تحديد مصادر تلوث الهواء التي قد تمنع تكاثف السحب وهطول الأمطار في أجواء جدة فوجدت أنها تتخطى المصدرين التقليديين (مصفاة أرامكو الجنوبية) و (محطة التحلية الشمالية) إلى مصادر أكثر خطورة على البيئة بحرا وأرضا وجوا وخاصة جوا التي تمركزت شمال جدة وأسهمت بمساراتها الجوية في (تنويم التيارات فوق جدة)، وأعني بذلك شركة الأسمنت العربية في رابغ ومحطات توليد الكهرباء وشركة بترورابغ والمجمع الصناعي المنتظر في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية. والمعروف أن كافة هذه الشركات والمجمعات لديها خطط تطويرية وتوسعية بعضها أنجز والبعض الآخر في طريقه للإنجاز.
وللنظر قليلا في الملوثات الجوية من هذه المجمعات الصناعية نجد أن دراسات في مواقع عالمية ميزت منها 165 نوعا من المركبات الكيميائية منها المعدني مثل الرصاص الذي يتسبب عند التعرض له بنسب عالية بتدمير خلايا المخ والعته خاصة لدى الأطفال، وهناك جزيئات من الغبار تسمى (آر إم 10) تتغلغل في الرئة ومسام الجلد فتسبب ضيق التنفس والأوعية الدموية وأمراض القلب، وغازات مثل (ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون والميثان والديوكسينات وفلوريد الهيدروجين والكلور والبنزين) وغيرها.
ولذلك أجد أنه يلزم إعادة ما سبق أن دعوت لتحقيقه في سبيل إنقاذ أرواح سكان مدينة جدة المنكوبة بالانبعاثات والملوثات البيئية التي جعلت من الحياة فيها مغامرة خطيرة لمن لديه خيارات أخرى. وما أدعو إليه هو التالي:
- إصدار نظام المياه النظيفة أو إعلانه إن كان صادرا ولا علم للمواطنين به لتحديد مواصفات المياه النظيفة جوفية كانت أو معذبة.
- إصدار نظام الهواء النظيف الذي يحدد النسب المسموح بها للانبعاثات الغازية والمعدنية والجزيئية من المصانع والمعامل.
- تشكيل جسم تنظيمي في وزارة (الصناعة والكهرباء) التي آمل أن نراها مستقلة قريبا لتوطين الصناعات الجديدة والنظر في مشروعات التوسعة للصناعات القائمة ومدى تأثيراتها الضارة على الجوار.

 
إطبع هذه الصفحة