الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :أنقذوا شبابنا .. بالعقوبات البديلة !!
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة عكاظ
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 06/01/1435
نص الخبر :
قالت مواطنة إن ابنها دخل السجن على إثـر مشاجرة كسر خلالها أنف خصمه.. حكم بناء عليها «القاضي» عليه بالسجن ستة أشهـر.
وأضافت المواطنة قائلة ــ بألم شديد ــ : خرج بعدها ابني من السجن مدمنا على المخدرات !!.
وقال مواطن إن القاضي حكم على ابنه بالسجن إثـر مشاجرة .. وخرج ابنه من السجن بصداقات مع أصحاب سوابق إجرامية لينضم إلى ركب المجرمين ويغوص في نفقهم المظلم !!.
وثالث قال إن ابنه كان صالحا ومستقيما .. ولكنه للأسف خرج من التوقيف شاذا ومنحرفا !!.
وهناك من سجن وهو العائل الوحيد لأسرته .. التي أنحرف بعض نسائها لتأمين احتياجاتهـن الحياتية الأساسية !!.
وهناك من خرج من السجن مؤهلا للانضمام إلى الفئات الإرهابية الضالة.
هذه الحالات وغيرها الكثير.. تؤكد الأهمية الكبرى للأخذ بما يعرف بـ (العقوبات البديلة) .. وهي نظام تطبقه معظم دول العالم .. بعد أن أثبتت الوقائع المعاشة .. والبحوث والدراسات العلمية في مختلف دول العالم أن تقيـيد الحريات في أماكن مغلقة تتمثـل في السجن هي مما بات يعرف بـ (العقوبات السالبة للحرية) التي لا تحقـق هدف الإصلاح والتأهيل .. بل العكس فإن فيها من الإهانة والإذلال ما قد يقود الجاني إلى غياهب الضلال والظلام.
إن الآثـار الجانبية للسجن شديدة الخطورة تمتد لتشمـل الجوانب السلوكية والنفسية الجسيمة ليس فقط على السجين وإنما على المجتمـع ككل في نهاية المطاف.
فالسجين يفقد طاقته الفكرية وموهبته العلمية .. كما تؤكد الدراسات والأبحاث التي أثبتت فشل عقوبة الحبس في تقويم الجاني وإصلاحه.
ومن هذا المنطلق تبنت الكثير من الدول أنظمة (العقوبات البديلة) التي تستهدف الإصلاح والتأهيل ومن ثم حماية المجتمـع..
ولقد كان سمو الأمير نايف بن عبد العزيز ــ يرحمه اللـه ــ حريصا على الأخذ بنظام العقوبات البديلة.. وتواصل الاهتمام من قبل سمو وزيـر الداخلية الأمير محمد بن نايف .. حيث صدر نظام العقوبات البديلة.
ولكن تطبيق النظام ظل اختياريا متوقفا على قناعة القاضي .. والكثير من قضاتنا الأفاضل لا يأخذون به للأسف !!.
يقول الأستاذ غازي حسين صبان رئيس دائرة الرقابة على السجون وتنفيذ الأحكام بهيئة التحقيق والادعاء العام بمحافظة جدة سابقا في كتابه المعنون : «الجرائم والعقوبات البديلة عن الحبس».. إن الهدف من العقوبات هو إصلاح الجاني وتأديبه وتأهيله وليس الانتقام منه أو التشفي فيه لأن القضاء على الجريمة كليا من أصعب المستحيل».
ويقول: «إن الآثار السلبية الناجمة عن عقوبة السجن والأخلاق السيئة التي يكتسبها نزلاء السجون بسبب العدوى التي تصيبهم إثـر اختلاطهم بالمجرمين الخطرين ومعتادي الجرائم البشعة .. جعل المملكة العربية السعودية تهتم بالبحث عن البدائل المناسبة والحلول الناجعة التي تقوم مقام عقوبة الحبس».
ويقول: «أدت السجون إلى تحول الجاني من مجرم حديث عهد بالإجرام إلى شخص متدرب عليه بسبب تأثره بالآخرين الأعتى إجراما داخل السجون، الأمر الذي أقصى الأهداف المرجوة من السجون والمتضمنة إصلاح وتأهيل المجرم ونبذه للجريمة . كما اتضح حرمان عائلات وأهالي السجناء من أسرهم وإن ذلك يؤدي إلى تفكك الأسرة وتصدعها وإفسادها أخلاقيا واجتماعيا وذلك ما يجعل الأبناء والزوجة يضطرون إلى الانحراف باحثين عن سبل العيش للأسباب الاجتماعية والاقتصادية»..
ويضاف إلى ذلك أن من مساوىء اللجوء للسجن في الوقائع التعزيرية استنزاف خزينة الدولة واكتظاظ السجون.
وفي كل الأحوال فإن الدراسات والأبحاث العلمية والميدانية في مجالات علوم الاجتماع والجريمة .. تؤكد على أن العقوبات البديلة ذات طابع توجيهي وإرشادي أكثر مما هو عقابي لأنها أسلوب إنساني راقٍ وسلوك أخلاقي رفيـع يعمل على تنمية سلوك المخالفين حيث تعتمد في أسلوبها على التأهيل والتقويم والإصلاح وتبتعد عن التعذيب والإيلام الجسدي والنفسي .. وهي تتفق مع طبيعة العصر المعاش.
ومن هذا المنطلق فإن الأمل كبير في اللـه سبحانه وتعالى ثم في المسؤولين نحو التوجيه بتطبيق العقوبات البديلة في المخالفات التعزيرية.. والانتقال بتطبيقها من الاختيار إلى الإلزام لما فيه من خير الفرد والمجتمع.

 
إطبع هذه الصفحة