الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :منصور الحازمي وآخرون..وانعطافات مهمة في المشهد الثقافي والأدبي من خلال مؤتمر الأدباء الرابع
الجهة المعنية :كلية الآداب والعلوم الإنسانية
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 28/10/1434
نص الخبر :

عاصم حمدان

* كلّما التقيت أستاذنا الدكتور منصور إبراهيم الحازمي ازددت يقينًا أنّه ومجموعة من أساتذتنا الأفاضل قد أرسوا المنهج العلمي للدراسات الأدبية في الجامعات السعودية، فهم قد خلفوا جيل الروّاد، بل إنّ دراساتهم ركّزت على دراسة ما كتبه ذلك الجيل الموسوعي، كما هو الحال في الدراسة القيّمة التي أعدّها الدكتور الحازمي بعنوان «معجم المصادر الصحفية لدراسة الأدب والفكر في المملكة العربية السعودية».
وما كتبه أيضًا الدكتور محمّد عبدالرحمن الشّامخ في دراساته عن الصحافة في الحجاز، والتعليم في مكّة المكرمة والمدينة المنوّرة أواخر العهد العثماني، والنثر الأدبي. وأخال أنّ أستاذنا الحازمي وزملاءه من أمثال الدكاترة: حسن شاذلي فرهود - رحمه الله -، وحسن محمّد باجودة، قد حازوا على درجة الدكتوراه من مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية جامعة لندن، والمعروف اختصارًا باسم «SOAS» وكان ذلك في الستينيات الميلادية.
وقد أفاد عدد من الدارسين العرب في تلك الحقبة من أستاذ الأجيال البروفيسور وليد عرفات -رحمه الله-، الذي درست عليه لاحقًا.
* وكما قدّم الحازم دراسته لدرجة الدكتوراه في تلك الدائرة العلمية عن «الرواية التاريخية في الأدب العربي»، وحسن باجودة عن «شعراء المدينة المنورة من العصر الجاهلي حتّى أواخر العصر الأموي»، فإنّ باحثين آخرين قدموا دراسات نقدية مهمة عن الأدب العربي الحديث في الدائرة الأكاديمية نفسها، مثل سلمى الجيوسي، والتي حملت دراستها الصادرة عن دار بريل، Leiden- لايدن 1977م بعنوان:Trends And Movements In Modern Arabic Poetry.
* وكذلك دراسة الباحث: س. موريه S.Moreh الموسومة:Modern Arabic Poetry 1800 -1970 والصادرة أيضًا عن دار بريل، 1976م.
* وقد سألت الباحثة الجيوسي عندما استضافها مؤسس الاثنينية الشيخ الأديب عبدالمقصود خوجة قبل عدّة سنوات عن الفوارق بين دراستها ودراسة موريه فأجابت أنّ دراستها أكثر شمولية من دراسة «موريه» مع أنهما يلتقيان في بعض الموضوعات المتصلة بالأدب العربي الحديث وتأثره في كثير من المناحي بالأدب العربي، وخصوصًا ت. اس. إليوت.
* في الأسبوع المنصرم حظيت مع زميلي الشاعر فاروق بنجر بالجلوس إلى الدكتور الحازمي وصديقه الناشر والباحث المعروف الأستاذ عبدالرحيم الأحمدي على هامش مؤتمر الأدباء الرابع، كما حظيت في الوقت نفسه بلقاء أستاذنا الدكتور ناصر الرشيد الذي قام بتدريسنا الأدب القديم مع مجموعة من الزملاء الكرام مثل الدكاترة: سعيد السّريحي، وعثمان الصّيني، وعالي القرشي، ومحمّد نور مقصود، وتبعنا جيل فيه الزميلان الكريمان: محمّد خضر عريف، وعبدالعزيز السبيّل وسواهم، ولأستاذنا المهذّب الرّشيد ممارساة علمية كبيرة في تحقيق التّراث العربي.
* لم تغب روح الدّعابة عن الرّائدين الحازمي والرّشيد، ولاتزال روح الشّباب تسري فيهما وإن كانا لا يحبّذان الحديث كثيرًا عن الأعمار.
* بعد الكلمة الضّافية التي ألقاها معالي الأديب الدكتور عبدالعزيز خوجة، وزير الثقافة والإعلام، والتي أشار فيها إلى الحاجة إلى تفهّم الخطاب النقدي الجديد عند جيل الشباب، نهض أستاذنا الدكتور الحازمي، والذي أميل إلى نعته بشيخ الأكاديميين السعوديين، ليلقي كلمة الأدباء، وتوقّف عند منعطف مهم وهو مشاركة المرأة السعودية بصورة ملفتة للنّظر في المؤتمرين الثّالث والرّابع مقارنة بالمؤتمرين الأوّل والثّاني، وهو ما ذكرته في مداخلة لي وبرؤية مختلفة عن ورقة الباحث الكريم الأستاذ سعد الرّفاعي عن الكتابات الروائية عند محمود تراوري وليلى الجهني، فلقد أشدت بإدارة الابنة الأستاذة سهام القحطاني للجلسة السّابعة، وأنّ إدارتها لتلك الجلسة النقدية، ثم إدارة الابنة أيضًا أمل القثامي للجلسة الأخيرة، تلك الخطوة الحضارية تجسّد صعودًا إيجابيًا لدور المرأة في الدوائر العلمية، ولعلّ ميدان الثّقافة والأدب يظلّ القناة الحواريّة، والتي تحمل هموم النّصف الآخر من المجتمع، تأسيًا بإقدام خادم الحرمين الشريفين -رعاه الله- بفتح باب مجلس الشورى أمام عضوية المرأة لتشارك من خلاله بطرح هموم المرأة والدفاع عن حقوقها المشروعة التي كفلها لها الشرع الحنيف.
ولعلي أختم هذه الكلمات المتواضعة بعد أيّام مضمخة بالروحانية قضيناها في رحاب مدينة سيّد الخلق ونبيّ الرّسالة الخاتمة عليه صلوات الله وسلامه، مقارنّا مع النّفر القليل من جيلنا، والذي حظي بحضور المؤتمر الأوّل للأدباء السعوديين في مهبط الوحي ومنزل الرّسالة مكّة المكرمة قبل حوالى أربعين عامًا، بين الموضوعات المطروحة في تلك الحقبة والتي شارك فيها جيل الروّاد مع جيل الأكاديميين الصاعد -آنذاك-، والموضوعات التي طرحت في حلقات المؤتمر الأخير، والتي ركّزت على إبراز دور الأدوات الجديدة في الكتابة الأدبية، أختم هذه السّطور بالقول بأنّ الغرب الذي صنع من خلال حضارته التقنيات والوسائط الجديدة في الكتابة والإبداع، ذلك الغرب المدهش لم يُدر ظهره للثقافة الورقية، فلا تزال مطابعه تقذف «بالكتاب» في جميع صنوف المعرفة وعلى الأخص في مجالات الأدب بمختلف أشكاله وضروبه، ولعلّي أضرب مثلاً حيًّا يدركه كلّ من عاش في الغرب دارسًا وباحثًا، وهو الاهتمام الذي توليه الدّوائر المختلفة لفنّ الخطابة التلقائي، فلا أزال استحضر في الذّاكرة صورًا من الأدب السّياسي للخطيب المفوّه الرّاحل مايكل فووت Michael Foot 1913 -2010 وهو يترنّم ببكائيّة الشاعر الإنجليزي ويليام شكسبير والتي تقول أبياتها الأولى التي قام أستاذنا عرفات بترجمتها بصنعة وإحكام لإجادته التامة للّغتين العربية والإنجليزية، يقول مطلع القصيدة:
عندما أبتلي من الحظّ سخطًا
وأُلاقي في أعين النّاس شذرا
فأواري عن أعين النّاس أدمعي
باكيًا وحشتي وأندب سرَّا
عبثًا أُسمع النّاس صراخي
إنّ في أذنها عن السّمع وَقْرا
ويختمها بقوله:
ثمّ هانت نفسي وكدت أراها وسط
هذه الأفكار أحقر قدرا
ربّما جئتَ خاطرًا في فؤادي
فإذا جئتَ بُدّل العُسر يُسرا
فأُغنّي كالطّير طارت صباحًا
نحو باب السّماء تُسبّح شُكرا
إنّه ذكر حُبِّكَ العَذْبِ إما جاء
أفضى من نعمة الله مجرى
فأراني ولست أرضى بحالي
عرش قارون أو ممالك كسرى


 
إطبع هذه الصفحة