الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :تكريم الأدباء: نهج هذه البلاد المسلمة
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 28/10/1434
نص الخبر :

منذ تأسيس هذه البلاد على يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- والأدباء يلقون كل تكريم وتقدير معنويًا وماديًا

أ. د. محمد خضر عريف
تكريم الأدباء: نهج هذه البلاد المسلمة
درجت هذه الأمة منذ فجر تاريخها على تكريم الأدباء والمتأدبين والمؤدبين، فقد كرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعراء المنافحين عن الإسلام حتى قال لحسان رضي الله عنه "اهجُهم يا حسان وروح القدس معك". وهذا دعاء منه عليه السلام لم يدعه لأحد قبل حسان أن يكون روح القدس مع الشاعر المسلم الصادق في غرض شعري يستنكره كثير من الناس إلا أن كان في نصرة الدين وهو الهجاء. وامتدح صلى الله عليه وسلم الشعر لحكمته وبيانه بقوله " إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرا". وخلال العصور الإسلامية المختلفة لقي الأدباء تكريمًا لم تلقه فئة أخرى من الناس في أوج عطائهم وفي شيخوختهم وبعد موتهم. وقصة الخليفة الرشيد مع مؤدّب الأمين والمأمون ولعله كان الكسائي، قصة معروفة، حين رأى الأمين والمأمون يتسابقان إلى نعله ليلبساه إياه، فسأله الرشيد: من أعز الناس؟ فقال: ومن غير أمير المؤمنين؟ فقال الرشيد: بل أعز الناس من يستبق أمراء المؤمنين إلى نعاله. وقصة الجاحظ في آخر أيامه معروفة كذلك حين كان نصف جسده مفلوجًا ونصفه الآخر منقرسًا، فطلبه الخليفة ولم يهمله، إكراما له وإجلالا، فقال قولته المشهورة لرسول الخليفة: وما يريد أمير المؤمنين برجل ذي شق مائل ولعاب سائل وعقل حائل؟. وسوى تكريم أولي الأمر المعنوي والأدبي للأدباء عبر العصور الإسلامية، فقد كانوا يغدقون عليهم الأموال الوفيرة ليكفوهم مسألة الناس، ويدفعوهم إلى المزيد من العطاء والإبداع، وقد ثبت في الروايات التأريخية أن بعض حكام المسلمين كانوا يكافئون الأدباء إذا ما أهدوا إليهم مصنفاتهم- وبعضها يقع في عشرات المجلدات- بمثل وزنها ذهبا، وهو ما يعادل اليوم ثروة بعشرات الملايين. ونحمد الله أن سار ولاة الأمر في هذه البلاد المسلمة على نهج أسلافهم من الحكام المسلمين، فمنذ تأسيس هذه البلاد على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- والأدباء يلقون كل تكريم وتقدير معنويا وماديا والتف حوله -رحمه الله- شعراء كثر في مقدمتهم الشيخ أحمد غزاوي -رحمه الله-. وسار على نهج المؤسس -رحمه الله- جميع أبنائه من بعده: سعود وفيصل وخالد وفهد رحمهم الله، وجاء عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله- ليتوج هذا التكريم الكبير للأدباء والمفكرين المادي والمعنوي في جوانب عدة وطرائق تترى فمنذ عقد من الزمان تكرم في المهرجان الوطني للتراث والثقافة شخصية أدبية أيما تكريم من لدنه -يحفظه الله- شخصيًا.
ولعل رعايته -رعاه الله- لمؤتمر الأدباء السعوديين الرابع الذي انعقد في الأسبوع الماضي 20-22/10/1434هـ في طيبة الطيبة، لعل هذه الرعاية الكريمة من أبرز مظاهر تكريمه -يحفظه الله- للأدباء السعوديين رجالا ونساء، وقد حضر وقائع هذا المؤتمر الكبير العشرات من الأدباء والأديبات من كل مناطق المملكة دون استثناء وفتح المجال لكل من أراد حضور الفعاليات والمشاركة في النقاش والمداخلات وتضمن المؤتمر ثماني جلسات علمية مكثفة خلال أيامه الثلاثة طرحت قضايا مهمة، كثير منها يعتبر من قضايا الساعة الأدبية ذات العلاقة بوسائط التواصل الاجتماعي الحديثة والتقنية الرقمية المعاصرة.
إضافة إلى قضايا أخرى ملحّة مثل: المسرح السعودي، وحقوق الأدباء وواجباتهم، وأمسيات شعرية وإبداعية وأمسيات مفتوحة.
وقد عنت وزارة الثقافة والاعلام وعلى رأسها معالي الوزير الدكتور عبدالعزيز بن محي الدين خوجة ووكيل الوزارة للشؤون الثقافية سعادة الدكتور ناصر الحجيلان أن يكون هذا المؤتمر لقاء حميميا موسعا بين الأدباء من جهة والأديبات من جهة أخرى في رحاب المدينة النبوية الشريفة لتبادل الأفكار والهموم والتعرف على المشروعات الأدبية والفكرية الجديدة ورسم الخطط المستقبلية الكفيلة بالنهوض بالحراك الأدبي والثقافي في المملكة. كما عنت الوزارة ووفقت في ذلك أعظم توفيق أن يشارك الأدباء الشباب بكثافة في المؤتمر جنبًا إلى جنب الأدباء والأديبات من الجيل الذي سبقهم للإفادة من تجاربهم. إضافة الى مشاركة نخبة من الأدباء والأديبات من دول عربية أخرى.
وقد خرج المؤتمر بعدة توصيات تشي جميعها بالإمعان في تكريم الأدباء كإنشاء هيئة مستقلة للثقافة وتأسيس رابطة للأدباء وإنشاء صندوق للأدباء، ومنح جائزة الدولة التقديرية للأدب التي صدرت الموافقة السامية عليها. وفي ذلك كله تأكيد على أهمية تكريم الأدباء ماديا ومعنويا. وهو نهج ظلت تنتهجه هذه البلاد المسلمة منذ بداية تأسيسها وسيزيد هذا التكريم وينمو عاما بعد عام إن شاء الله.


 
إطبع هذه الصفحة