الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :أفّا
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة عكاظ
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 23/09/1434
نص الخبر :

 

هذه الكلمة الصغيرة غنية بالمعاني، ففيها الاستغراب، والعتاب أيضا. وقد لفت نظري أن بعض الأمور الجوهرية حولنا قد تبدو وكأنها بسيطة، ولكنها تحتوي على معضلات تستحق إعادة النظر والمساءلة، وهي كثيرة جدا، وعجيبة جدا، واخترت لكم بعضا منها في الآتي:
• في عالم الأعداد في فرنسا لا توجد كلمة واحدة تمثل العدد «سبعين»: هناك 10 و20 و30 و40 و50 و60 ثم 60 وعشرة (لتمثل السبعين)، وهي «سواسنت ديز» على وزن «سوسن وتميس» هي 70.. ثم «ستين وأحد عشر» لتمثل الرقم 71... وستين وعشرين لتمثل الرقم 80 «كاتر فان ديز».. طيب لماذا وجع الرأس؟
• والبليون في بعض الدول، ومنها العديد من الدول الأوربية، هو ألف ألف مليون. وأما في باقي العالم فهو ألف مليون. تباينا مهولا بين الرقمين بنفس الاسم. لماذا الفوارق الهائلة في المقدار؟
• وفي عالم الرياضيات نجد أن تعريف الأرقام الأولية هي تلك التي تقبل القسمة على نفسها وعلى الرقم واحد فقط لا غير. وهذه الأرقام مهمة جدا فلسفيا، وحسابيا، وتطبيقيا.. الشاهد أن الرقم 1 الذي يستخدم في التعريف ليس من الأرقام الأولية، فقد ظلمه إطار التعريف الرياضي. لماذا القسوة الحسابية؟
• وهل من المعقول أن الشمس تفقد أربعة ملايين كيلوجرام من كتلتها في الثانية الواحدة وتبقى كما نراها يوميا ولا نتأمل في ذلك الخلق العظيم؟ وهل معقول أن تكون حرارة سطح الشمس حوالي 6000 درجة مئوية بينما تبلغ درجة الغطاء الجوي للشمس الشهير باسم «كورونا» حوالي سبعة ملايين درجة مئوية؟
• وهل من المعقول أن قوة الجاذبية تسحب جميع الأجسام بمقدار متساو مهما اختلفت كتلة هذه الأجسام؟ فهي حقيقة محيرة. والأغرب أنها مصنفة ضمن القوى الأساسية «الضعيفة» في الكون. وبصراحة حاولت رفع مجموعة من كتبي عن الأرض لأنظف مكتبي، ولم أجد أن قوة الجاذبية ضعيفة ــ كما يقولون، والدليل هو الألم في ظهري.
ولكن هذه العجائب لا تشمل عالم العلوم فحسب، فهناك بعض المفاجآت في العديد من المجالات الأخرى، واخترت التالي:
• بدأت الخطوط السعودية عملها عام 1945م، وهي من أكثر شركات النقل الجوي خبرة. وكانت أيضا من الشركات الرائدة عالميا في مجال تشغيل أحدث الطائرات، وأكبر الأساطيل. فكيف وصلت إلى المستوى الذي لا نسمع فيه عن تفوقها في الأرض، ولا في السماء. لا من قبل المسافرين، ولا من جهات التصنيف الدولية؟
• نحن ــ كشعب ــ نطير منذ أكثر من ستين سنة على أحدث الطائرات، ولكننا كركاب نتعامل مع ركوب الطائرات وكأنها تجربة جديدة علينا. لاحظ استعجال الركاب بعد الهبوط، وبعضهم يتسارعون نحو أبواب الطائرة وكأنهم سيقفزون من الطائرة مثل قوات الصاعقة.
• استخدام الساعات شعبيا لم يكن منتشرا لدى البشرية قبل حوالي مائة وعشرين سنة. ومعظم البشر لم تكن لديهم دراية دقيقة بالزمن. ما عدا المسلمين. فعبر التاريخ كانت الصلوات تذكرنا بنعمة احترام الوقت طوال اليوم. واليوم يكاد ينعكس الوضع، فللأسف أن احترام الزمن والدراية بأهمية الوقت هي الأقل شأنا في حياة الكثيرين.
• بدأ التعامل مع المواسم في وطننا منذ أكثر من ألف سنة بسبب روائع موسمي الحج والعمرة، ولكن بعض الجهات لا تزال ترتبك وتتعامل معها وكأنها جديدة وغير متوقعة.
• بدأت المصارف عملها في المملكة بشكل أو آخر منذ أكثر من ألف سنة، وأحد التعاملات الأساسية التي تترتب على حركة الحجاج من بلادهم لتأدية فريضة الحج هي التحويلات المالية، ولذا فستجد أن التعاملات البنكية الدولية تمحورت حول محوري الحج والتجارة.. فلماذا لا تكون لدينا أفضل المصارف في العالم، فلديها أفضل الخبرات التراكمية على مدى طويل.
أمنية
بعض المعضلات تحيرنا لأن تفسيرها يخرج عن إطار المعقول، بل ويطرق أبواب المستحيلات، ولكن العديد من الصعاب التي تبدو وكأنها معضلات هي في الواقع فرص لاغتنام مكاسب سريعة للارتقاء بمستوى حياتنا. أتمنى أن نفكر جميعا في تحسين هذه الأمور التي نقدر أن نغيرها بكل بساطة، ومنها أيضا عدم الإكثار في الكلام.. ولذا فسأتوقف هنا.
والله من وراء القصد.

 
إطبع هذه الصفحة