الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :ربيع العرب.. أم ربيع إسرائيل ؟!
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 22/09/1434
نص الخبر :
أ. د. محمد خضر عريف
الأربعاء 31/07/2013
ربيع العرب.. أم ربيع إسرائيل ؟!
إن المتتبع الدقيق لأحداث ما يسمى (الربيع العربي) خلال عامين مضيا، يتأكد أن هذا الربيع المزعوم لم يكن ربيعاً للعرب أبدا بل كان ربيعاً إسرائيلياً بامتياز، إذ لم تعد كل الثورات التي قامت في عدة أقطار عربية بالنفع على الشعوب العربية لا من قريب ولا من بعيد، بل عادت بها جميعاً عقوداً إلى الوراء وفي بعض الدول التي قامت فيها هذه الثورات تدمرت البنية التحتية تماماً، وتراجع الاقتصاد تراجعاً مروعاً، ناهيك عن أن الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي لم يتحقق في أي من تلك الدول، ولا تلوح في الأفق أي بوادر لتحسن قريب للأوضاع على مدى سنوات قليلة، بل إن كل التوقعات تشير إلى مزيد من التراجع، ومزيد من الكوارث والأزمات والنوازل.
ولا أدلة على ذلك من أن اليمن مثلاً الذي تم انتقال السلطة فيه سلمياً يعيش اليوم مجاعة تساوي في حدتها وشدتها المجاعة التي عاشها الصومال عام 2011م، سمعت هذا من السفير عطا المنان في ندوة أقيمت قريباً في منظمة التعاون الإسلامي.
والدول الأخرى ليست أفضل حالاً، فليبيا تعيش نزاعات لا قبل لها بها في مناطقها المختلفة، لم تستقر حالها أو يتفق أحزابها على حكومة وطنية جامعة يرضى عنها جميع الأطراف. والشيء نفسه حاصل في تونس، وكل هذه الخلافات والنزاعات يدفع ضريبتها الشعب المطحون الذي تزداد معاناته يوماً بعد يوم وتنتشر فيه البطالة، وترتفع أمامه الأسعار، ولا يشعر بأي أمن أو أمان. وينطبق ذلك على الدول التي ذكرتها كما ينطبق على كبرى الدول العربية التي شهدت ثورتين متتاليتين في 25 يناير 2011م، و30 يونيو 2013م، وحتى الآن لم تستقر أحوالها السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وهي مصر بالطبع التي كانت ومضرب المثل في الدعة والطمأنينة والأمن والأمان والاستقرار، وكل ذلك ذهب مع الريح. وليس هذا تلميحاً إلى أن العهد ما قبل السابق أو عهد حسني مبارك تحديداً كان أفضل بكثير من عهد الثورتين اللتين وقعتا بعده - مع أنني سمعت الكثير من الإخوة المصريين يترحمون على ذلك العهد، حتى أن أحدهم قال لي: "الواحد ما يعرفش قيمة أمه لغاية ما يجرب مرات أبوه".. ولكنني أقولها بتجرد تام، إننا نحن السعوديين كنا نحس بأن ذلك العهد كان أفضل من الوضع الأمني والاقتصادي الحالي كثيراً بالنسبة لمن يزور مصر من السياح أو الطلاب أو سواهم من غير المصريين. وإن أعد إلى ما يحدث في مصر اليوم، فإنه ينذر بانقسام خطير لم يسبق أن حدث فيها على مدى تأريخها بطوله وعرضه، لا في العهد الفرعوني وصولاً إلى دخول الإسلام إليها، وإلى يوم الناس هذا، فقد كان المصريون على الدوام على قلب رجل واحد: مسلمين وأقباطاً في وجه الظلم والاستبداد وفي التصدي للمستعمر والمحتل بل وفي مواجهة العدو الأول وهو إسرائيل، أما اليوم فقد تشرذم المصريون كما لم يحدث في أي وقت مضى وتشتتوا شيعاً وأحزاباً وجماعات كثير منها متناحر، ولا تجمعها كلمة واحدة، وأصبح الصراع على السلطة هو سيد الموقف، وأقولها بتجرد تام أيضا: إن التجربة الديمقراطية كما تسمى لم تنجح في مصر على الإطلاق ولم تحقق شيئاً لمصر سوى المزيد من التشرذم والفرقة والتناحر وسوء الحال الأمني والاقتصادي وعادت بها عقوداً إلى الوراء، وكل هذا يشي بأن إعادة التجربة الديمقراطية قد تفشل كسابقتها، وقد يكون السبب الأول وراء ذلك الفشل أن الشعوب العربية ليست مهيأة بعد للديمقراطية (إن سلمنا جدلاً بأن الديمقراطية هي الحل المناسب لأزمات العالم العربي ومشكلاته). وعليه، فإن ما يحدث في العالم العربي يعتبر ربيعاً إسرائيلياً بكل ما تعنيه الكلمة، فإسرائيل تدرك اليوم ولاشك أنها في مأمن تام لما يزيد عن خمسين عاماً على الأقل تحتاجها دول الربيع العربي كما تسمى لتنهض من كبوتها وتعيد بناء ما دمرته الحروب والاختلافات من بنيتها الفوقية والتحتية، ولن يكون لديها الوقت ولا المال والجهد لتفكر في إطلاق رصاصة واحدة باتجاه إسرائيل، ناهيك عن أن الذخيرة الحربية قد نفدت في بعض الدول العربية وفي مقدمتها سورية التي سخر فيها حاكمها العميل المجرم كل أسلحة الشعب في إبادة الشعب، وفي تدمير وحرق سورية برمتها، إنه الخريف العربي بامتياز، كما أنه الربيع الإسرائيلي بامتياز، والحال تزداد سوءاً كل يوم، وليس لها من دون الله كاشفة.


 
إطبع هذه الصفحة