الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :التحكم في السلطة عن بُعد؟!
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : صحيفة الشرق
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 20/09/1434
نص الخبر :

«النظام السياسي»، في أي بلد، هو عبارة عن: «نسق» (System) متكامل، يتعلق بالسلطة السياسية العليا، ويتكون من عدة أجزاء… يؤدي كل منها عملاً معيناً، بالاعتماد على الأجزاء الأخرى. حيث إن هناك ترابطاً وثيقاً فيما بين هذه المكونات… ما يجعل نجاح أي طرف فيها معتمداً على أداء بقية الأجزاء لوظائفها. ويتفاعل هذا النسق ككل مع البيئة التي يوجد فيها، بشقيها الداخلي والخارجي، بهدف بقائه واستمراريته، بالدرجة الأولى.
و«النظام السياسي» (أو هذا النسق) هو في الواقع مجموع المؤسسات الرسمية (الحكومة بسلطاتها الثلاث: التشريع، والتنفيذ، والقضاء، وكل أجهزة هذه السلطات) إضافة إلى المؤسسات السياسية غير الرسمية، وهي -تحديداً- الأحزاب السياسية -متى وجدت- وجماعات الضغط، والرأي العام.
وبالطبع، فإن الأحزاب السياسية، وأغلب جماعات الضغط، هي عبارة عن: مؤسسات -تنظيمات- محددة … أما «الرأي العام» فهو موقف الناس في المجتمع نحو القضايا العامة السياسية، التي تحيط بهم وتمس حياتهم، مباشرة وغير مباشرة خلال فترة معينة. والرأي العام لا يتبلور في «مؤسسة» سياسية رسمية، أو غير رسمية، وإنما هو شعور عام … يقبع في عقول وأذهان هؤلاء الناس وصدورهم، تجاه القضايا المختلفة التي يعايشونها، بشكل يومي تقريباً.
••••
ولعل من أصدق تعريفات «النظام السياسي» وأكثرها صحة ودقة، القول بأن النظام السياسي (في مجموعه) عبارة عن الإدارة العليا للمجتمع (في أي بلد) وما تتضمنه هذه «الإدارة» من أجهزة وسياسات.
ومن هنا، تنبع «أهمية» هذا النظام البالغة. فهو -بذلك- أهم شيء في الحياة العامة لأي بلد. وتظهر أهميته (على أرض الواقع) من كون هذا النظام يمكن أن يقود المجتمع إلى الخير والرفاهية، ويمكن أن يقوده إلى الشر والدمار والتخلف. فببساطة، إن صلح هذا النظام، صلح كل شيء -تقريباً- في الحياة العامة للمجتمع، وإن فسد، فسد كل شيء فيها.
••••
إن «الحكومة» هي محور النظام السياسي، وأهم مكوناته… حتى أن النظام السياسي يعني (أساساً): الحكومة بسلطاتها الثلاث. والحكومة هي التي «تحكم» و«تدير» البلد، أي بلد. وفي الدول ذات الحكومات الديمقراطية (التمثيلية) يفترض أن «الحكومة» هي محصلة عامة للقوى المختلفة في المجتمع… وأنها -أي الحكومة- تمثل -أساساً- غالبية سكان ذلك البلد، وتجسد رغباتهم وتوجههم. وذلك -عندما يوثق- هو أصل الشرعية في الفكر السياسي العالمي المعاصر.
••••
غير أن النظرة المتفحصة، لـ «النظام السياسي» في كثير من دول العالم المعاصرة، بما فيها الدول ذات الحكومات الديمقراطية، توضح أن بعض جماعات الضغط (المصالح) المختلفة، وما يتفرع عنها من تنظيمات وسياسات، لها في بعض الأحيان ومعظم هذه البلدان، هيمنة على الحكومة، وقول فصل في «حكم» و»إدارة» البلد المعني… وأنها هي -أي تلك الجماعات- كثيرا ما «تحكم» البلد، و»تدير» دفته بشكل خفي وغير مباشر، وبما يضمن -في النهاية- تحقيق مصالح وأهداف تلك الجماعات، بالدرجة الأولى. وفي غالب الحالات، تقدم مصالح تلك الجماعات على المصلحة «العامة» (أي مصلحة وفائدة ورغبة غالبية سكان البلد المعني). الأمر الذي يجعل ممارسة تلك الجماعات تشكل خطراً فادحاً على حاضر ومستقبل البلد المعني. حيث إن كثيراً من هذه الجماعات تمثل «ديكتاتورية» مستترة، في البلد المعني… تتحكم في سلطته، وتوجه البلد وتديره، بما يحقق مصالحها وأهدافها، بصرف النظر عن أة اعتبارات أخرى… وفي مقدمة تلك الاعتبارات «المصلحة العامة» الحقيقية، وما تتطلبه هذه المصلحة من خدمة ورعاية وحماية.
••••
والعجيب أن بعض تلك الجماعات تمارس ما تمارسه من نشاط، مدعية أنه يخدم المصلحة العامة، أولاً وأخيراً. بل إن بعضها يدعي أنه إنما أسس ليخدم المصلحة العامة فقط؟! يحصل هذا التجاوز الخطير على مرأى ومسمع كثير من المراقبين، رغم كونه متخفياً بترسانة من الأقنعة، وخاصة في الدول ذات الحكومات التمثيلية؟!
ولفهم هذه «الإشكالية» المعقدة أكثر، لابد أولاً من فهم ماهية «جماعة الضغط»، وطبيعة نشاطها…. وهذا ما يمكن قراءته في كتب المقدمة في علم السياسة. فمن يرغب في فهم سياسات الدول، عليه أن يفهم ماهية القوى السياسية المختلفة التي تصنع هذه السياسات، وفى مقدمتها جماعات المصالح المتنوعة في كل بلد.


 
إطبع هذه الصفحة