الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :المنهج «النعـامي»
الجهة المعنية :موضوعات عامة
المصدر : جريدة عكاظ
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 27/08/1434
نص الخبر :

صالح بن سبعان

ترسخت في مسار الفكر العربي قيم وتقاليد قلما تجد لها مثيلا في تاريخ المجتمعات البشرية، وواحدة من هذه التقاليد هي المنهجية «النعامية». فالنعام، وحينما يواجه خطرا داهما ما، يلجأ إلى اتباع منهجية سلوكية غريبة. فبدلا من مواجهة الظرف والخطر، إما بالركض أو المواجهة، وهما الأسلوبان الطبيعيان في الحياة البريـة، يلجأ إلى حيلة هروبية، آليتها هي أن يدس رأسه في الرمال، متعاميا عن رؤية الخطر، وكأنه بهذا الفعل ينفي وجود الخطر في أصله.
ولانفراد النعام بهذه الآلية أصبح مضرب المثل عند العرب، أو في الثقافة العربية الموروثة، لكل من يحاول أن يهرب من مواجهة التحديات باتباع هذا الأسلوب فيشبه المرء في مثل هذه المواقف بــ«النعام» ــ ومفردها نعامة ــ.
ويبدو لي أن هذا السلوك «النعامي» هو من التقاليد الراسخة في الفكر العربي، إذ إننا درجنا في محيطنا السياسي والفكري على عدم تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية، ليس جبنا شخصيا، وإن كان جبنا اجتماعيا متوارثا. فثقافتنا الدينية الإسلامية وأعرافنا الاجتماعية تحثنا على «الستر».
ما هو الستر؟ .. نقيض الفضح.
أي ألا تفضح ما استتر من عورات الناس. وعورات الناس هذه لا تعني فقط عوراتهم الحسية، بل حتى عوراتهم النفسية والفكريـة. هذا توجه إسلامي أصيل، وهو من أنبل القيم في حياة المجتمعات البشرية. إذا كنت تريد أن ترى مثلا ناصعا لمدى عمق ونبل هذا المبدأ الإسلامي، إليك المثال التالي:
في النصرانية ــ ولا أقول المسيحية ــ يذهب المذنب ــ إذا أثقل الذنب على ضمير صاحبه ــ إلى الكنيسة، وفي غرفة الاعتراف، يكون بينه وبين القسيس حجاب شفاف، ليعترف بما ارتكبه من ذنب، والحكمة في ذلك أن هذا الاعتراف يخفف من شعور المذنب بذنبه حتى يبوح به لكاهن.. أما الإسلام الذي يبدي حرصا أكبر على كرامة الإنسان فيضع منهجا آخر، وهو «قيام الليل» . ففي قيام الليل، والناس نيام، تعترف في جلسة خاشعة، وتضع كل آثامك بين يدي الخالق وتطلب منه الرحمة والمغفرة، دون أن يطلع عليها مخلوق. إنها أشبه بجلسة الاعتراف.. ولكن بينك وبين خالقك. إنها جلسة علاج نفسي تتطهر فيها من رواسب الشعور بالذنب والخطيئة المرة في روحك.

 
إطبع هذه الصفحة