الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :حمى الضنـك .. إلى أيـن ؟
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة عكاظ
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 29/06/1434
نص الخبر :
ثلاثة أحداث أعادتني بقوة إلى حمى الضنك في الأسبوع الماضي. الأول مقالة نشرت في مجلة الطبيعة «Nature» لمجموعة من الباحثين بجامعة أكسفورد ببريطانيا رفعوا فيها تقديراتهم لعبء حمى الضنك في العالم خلال عام 2010م إلى 390 مليون حالة منها 96 مليون حالة ذات أعراض مرضية واضحة و 294 مليون حالة ذات أعراض مبهمة. هذا الرقم يزيد على ثلاثة أضعاف العبء الذي كان مقدرا من قبل لهذا المرض بواسطة منظمة الصحة العالمية. تحتل قارة آسيا المرتبة الأولى حيث يحدث فيها 70% من الحالات. وقد رفعت الدراسة نسبة الحالات في أفريقيا إلى 16% لتحتل المرتبة الثانية بينما جاءت الأمريكيتان في المرتبة الثالثة بنسبة 14% (أغلب الحالات هناك تقع في أمريكا الجنوبية). الحدث الثاني كان حضور ندوة عن حمى الضنك أقامتها أمانة مدينة جدة بالتعاون مع وزارة الصحة وجامعة الملك عبد العزيز بعنوان «حمى الضنك: لماذا .. وإلى أين». وضع حمى الضنك في بلادنا حقيقة يدعو إلى القلق. الحالات تزايدت مؤخرا حتى وصلت بضعة آلاف حالة هذا العام بعد أن شهدت انخفاضا ملحوظا في بعض الأعوام الماضية مقارنة بارتفاعات خلال الأعوام 1994 ، 2005، 2006، 2009، 2010م. وبصفة عامة فإن وضع حمى الضنك لدينا لايزال متذبذبا ، وقد يرجع ذلك إلى الظروف المناخية أو إلى التذبذب في أنشطة المكافحة. المناطق المصابة شملت مؤخرا مدن جدة ومكة المكرمة وجازان ونجران والمدينة المنورة. الإصابة بحمى الضنك قد تكون بسيطة غير ملحوظة أو قوية بحيث تدفع المريض إلى زيارة المستشفى. وفي نسبة من الحالات ، خاصة مع تكرار العدوى، يمكن أن تكون الإصابة خطيرة وقاتلة بسبب حدوث حمى الضنك النزفية ومضاعفاتها، وقد حدثت عندنا عدة وفيات هذا العام وفي الأعوام السابقة. ومن الضروري في الحالات الخطرة أن يتلقى المريض الإسعاف اللازم في المستشفى لتعويض فقدان السوائل بالمحاليل الوريدية أو نقل الدم.
في غياب علاج أو لقاح لحمى الضنك يتركز الحديث على مكافحة البعوضة الناقلة للمرض وهي بعوضة إيديس إيجبتاي (Aedes aegypti). مكافحة هذه البعوضة أمر لا يستهان به لأنها تتكاثر داخل وحول المنازل مما يجعل رش الحشرات الطائرة صعبا وقليل الفعالية، ولذا تتركز جهود المكافحة على قتل يرقات البعوضة برش أماكن توالدها ونموها في المياه الراكدة في كافة الأماكن مثل المستنقعات، خزانات المياه غير المغطاة بإحكام، وأوعية تخزين الماء المكشوفة، براميل وخزانات الماء المستخدمة في مواقع البناء ومصانع الطوب، الماء المتكثف من مكيفات الهواء، ماء المسابح الراكدة والنوافير المهملة وأحواض الزهور، والمراحيض غير المستعملة، الماء المتجمع في إطارات السيارات القديمة وفي القوارير والعلب الفارغة ضمن النفايات التي لا يتم جمعها والتخلص منها أولا بأول. الرش بالمبيدات الفعالة يتطلب توفير الأجهزة والإمكانيات اللازمة لدى فرق الرش، ويجب أن يكون مدعوما بدراسات الاستكشاف الحشري للكشف عن وجود بعوضة الإيديس وكذلك بالمختبرات اللازمة للتأكد من حساسية البعوضة للمبيدات المستخدمة أو تغيير المبيد عند ظهور سلالات مقاومة. توعية المواطنين بالتعرف على أماكن توالد بعوضة الضنك والتخلص منها من أهم جوانب المكافحة، وربما تكون أهم عوامل النجاح .. الحدث الثالث الذي لفت انتباهي هو ثبوت قدرة بعوضة الإيديس على التكاثر في البيارات. عدة دراسات أجريت في أمريكا الجنوبية في السنوات الأخيرة تثبت بما لا يدع مجالا للشك قدرة الإيديس على التوالد في نسبة كبيرة من البيارات (بالإنجليزية septic tanks). كان الاعتقاد الشائع أن تكاثر هذه البعوضة يقتصر على المياه النظيفة نسبيا مثل الأماكن المذكورة أعلاه، ولكن ثبوت قدرتها على التوالد في البيارات، مثلها في ذلك مثل بعوضة الكيوليكس المنزلية، يضيف بعدا جديدا لمكافحة الإيديس وبالتالي حمى الضنك. ربما تفسر هذه القدرة استمرار حمى الضنك عندنا رغم قلة الأمطار ورغم جهود المكافحة المقتصرة على الأماكن التقليدية الأخرى المحتوية على الماء النظيف. من الضروري من الآن فصاعدا اعتبار البيارات غير المغلقة بإحكام بؤرا مناسبة لتوالد بعوضة حمى الضنك وكذلك كل طفوحات الصرف الصحي في الشوارع وغير ذلك. يجب معالجة مياه الصرف الصحي بالرش أو التخلص منها بطرق أخرى. وقد تكون حمى الضنك من أهم الدوافع لإكمال شبكة الصرف الصحي بسرعة في جدة وكل المدن التي تعاني من هذا المرض.. حمى الضنك في تزايد، عالميا ومحليا. ومن الضروري تضافر الجهود بين كل الجهات المسؤولة وخاصة وزارة الصحة وأمانات المدن. كذلك من المهم تشجيع الجامعات لتكثيف الدراسات والبحوث المتعلقة بالمرض وبعوضته الناقلة. ومن الضروري كذلك نشر إحصائيات محدثة عن عدد حالات المرض والتعريف بكافة جهود المكافحة لتوعية المواطنين واستقطابهم للمشاركة في المكافحة فبدون مشاركتهم لن يكون التخلص من هذا الوباء ممكنا.

 
إطبع هذه الصفحة