الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :الإفساد بالطبخ.. والطبخ بالإفساد!
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 28/06/1434
نص الخبر :

ما حاجتنا إلى مثل هذه القناة الموجهة بالدرجة الأولى إلى بناتنا وزوجاتنا، وأخواتنا ونسائنا عموماً؟!

أ. د. محمد خضر عريف
الإفساد بالطبخ.. والطبخ بالإفساد!
أطلعتني إحدى الفتيات من قريباتي على ما تبثه قناة غربية شهيرة مختصة بالطبخ اسمها: (Food Network) وغالب الظن أنها بريطانية، وهي إحدى القنوات التابعة لشبكة تليفزيونية يدفع الكثير من مواطنينا اشتراكاً باهظاً لمشاهدة قنواتها. ولأن برامجها قابلة للتسجيل، فقد سَجَّلت هذه الفتاة كثيراً من حلقات الطبخ التي تبثها القناة المشار إليها، وكان تسجيلها بداية بغرض الاحتفاظ بالوصفات لطبخ بعض المأكولات، ولكنها حين عادت إليها وجدت أن كثيراً مما يبث فيها لا يهدف إلى تعليم الطبخ بل إلى إشاعة الرذيلة وتحبيب المشاهدات خصوصاً بها، إضافة إلى تحبيبهن بكل الأطعمة والمشروبات التي حرّمها الإسلام وأولها بالطبع لحم الخنزير إضافة إلى الخبائث كالضفادع والحلزونات وسواها، ومن المشروبات: الخمور بكل أنواعها، وخصوصاً النبيذ الذي يدخل ضمن محتويات معظم الأكلات والوصفات ليضفي عليها «طعماً مميزاً» كما يُذكر ذلك صراحة في شريط الترجمة العربية، أما الخنزير، فإن لم يكن لحمه الوجبة الرئيسة، فيندر أن لا تزين أي أكلة توردها القناة بقطع (البيكون) وهو لحم الخنزير المقدّد.
وعودة إلى إشاعة الرذيلة والفاحشة، فقد لا يتصور القارئ كيف يمكن أن يتحقق ذلك في برامج قناة اسمها: (شبكة الطعام) وكل ما فيها وجبات، ووجبات فقط، وهذا هو السر الخفي في كل ما تبثه هذه القناة، فالقنوات الخليعة الماجنة قد تُعرض عنها فتياتنا لوضوح مقصدها، أما قنوات الطبخ التي تجذب النساء خصوصاً فلا يخطر في بال أحد أن تُضمَّن رسائل واضحة جداً إلى الفتيات لتشجيعهن على الرذيلة، حتى أن الآباء في مجتمعنا المسلم لا يمانعون في العادة أن تشاهد بناتهم هذه القنوات باستمرار، وذلك ما كنت أظنه أنا نفسي قبل أن تعرض عليَّ هذه الفتاة الخلوقة الذكية ما عرضت من تسجيلاتها الكثيرة، من ذلك حلقة اختصت بطريقة إعداد كعكة الزواج أو كيكة الزواج كما نسميها، (مع ملاحظة أن كلمة (Cake) الإنجليزية أصلها كلمة (كعك) العربية).
وأخذت أتابع خطوات إعداد الكعكة منذ أن كانت طحيناً ومسحوقاً حتى خرجت من الفرن وزُيِّنت بالكريمات أو الـ(Icing) وأنا اسأل ابنتنا: أين المشكلة؟ وتقول لي كل مرة: «انتظر: الثقل في الآخر»، وانتهت الكيكة وأصبحت جاهزة، وجاءت المرحلة الأخيرة من الحلقة، وهي مرحلة إهدائها إلى العروسين، وفي آخر دقيقة تقدم «العروسان» اللذان كانا «عروسين» فعلاً لاستلامها، بمعنى أنهما كانتا «عروساً وعروسا»، ولا يوجد عريس أي أنه كان زواج امرأتين، وهو زواج تبيحه القوانين الغربية دون أي إشكال.
والرسالة الواضحة للمشاهدات بالطبع أن زواج المرأة بالمرأة (والعياذ بالله) لا غبار عليه، بل يمكن أن نُكرِّم العروسين بكيكة فاخرة.
يُعرض كل ذلك باللغة الإنجليزية مع ترجمة عربية واضحة وصريحة.
حلقة أخرى عرضتها عليَّ ابنتنا الكريمة بعد أن لاحظت أنني أُصبتُ بالاشمئزاز وكدت أتقيأ من هول ما سمعت وشاهدت، وطلبت مني أن أتماسك قليلاً، وكانت تلك الحلقة مسابقة في الطبخ يحوز الفائز فيها على مبلغ كبير «عشرة آلاف دولار»، والمهم أن إحدى المتسابقات كانت فلبينية، وعرّفت بنفسها كما عرّف الباقون، ومن ضمن ما قالته أنها جاءت من الفلبين إلى أمريكا لتنعم بالحرية؛ لأنها تعشق زواج المرأة بالمرأة (أي أنها شاذة)، وكانت تتعرض للكثير من المضايقات في بلادها، أما في أمريكا فتستطيع أن تصرح بشذوذها على الملأ.
والرسالة هنا واضحة، وهي أن الشذوذ لا غبار عليه، ويمكن للفتيات البوح والفخر به.
أما الحلقات الأخرى التي شاهدتها فكما أسلفت، يندر أن تأتي فيها وصفة لا يكون فيها خنزير أو نبيذ أو أنواع من الخبائث، ويُترجم كل ذلك إلى العربية ويُوصف لحم الخنزير بأنه لذيذ للغاية، والخمر بأنها ممتعة للغاية.
وأسأل السؤال الكبير: ما حاجتنا إلى مثل هذه القناة الموجهة بالدرجة الأولى إلى بناتنا وزوجاتنا، وأخواتنا ونسائنا عموماً؟ وكيف تبيح شبكة تلفزيونية -تبث برامجها في الوطن العربي والإسلامي- لنفسها أن تُضمِّن قنواتها هذه القناة، ناهيك عن قنوات أخرى تنضح بالفحش والعري والرذيلة، والطامة الكبرى أنها مترجمة للعربية.


 
إطبع هذه الصفحة