الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :الانقلاب المطلوب..!
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 29/03/1430
نص الخبر :
الخميس, 26 مارس 2009
د. راكان عبدالكريم حبيب

كأنه لم يعد أمامنا سوى الانتقاد لحل مشاكلنا. ففي كل يوم، وفي كل لحظة بتنا لا نفكر إلاَّ في الشكوى من كل شيء، ولا نصبح إلاَّ ونرفع صوتنا بها. وهو أمرحقيقي يعايشه الناس، بدءًا من الحديث عن تردي حركة المرور، وتردي الخدمات، إلى الحديث عن الفساد والنفاق والمحسوبية. ولو وسّعنا نظرتنا لتشمل العالم العربي، لوجدنا أن الشكوى عامة وعلى مستوى أكبر. ولعلّ ما نسمعه من خلافات بين الدول ما هو إلاَّ دليل على عمق الأزمة التي نعيشها، ويعيشها الإنسان العربي.
لو جاء إلينا طبيب وادّعى أن لديه دواءً لعلاج مرض واحد فقط وهو( النفاق ).. ونجح فعلاً في القضاء عليه، عندئذٍ تخيّلوا معي كم عدد المدعوين الذين يتغيّبون عن حضور الولائم، وكذلك عدد الذين لا يذهبون إلى مراسم العزاء.. وَلَكُمْ أن تتخيّلوا أيضًا حجم الكارثة عندما نبدأ نكتشف كم كنا مخدوعين حتى من أقرب الناس إلينا. لو نجح هذا الطبيب، لن نجد مَن يتزلّف للمسؤول، ولضمن الناس جودة عمل المسؤول لأنه أدّى عمله ابتغاء وجه الله، وليس لابتغاء التمديد.
طبعًا سوف يجمع الناس أن هذا الدواء لم يُكتشف بعد.. وأن البشرية لم ترَ مثله إلاَّ في قصة أرض النفاق التي ترك فيها الأقرباء والأصدقاء جنازة (المدير العام) على قارعة الطريق، بعدما شربوا دواء تجفيف النفاق من قلوبهم. لكن في حقيقة الأمر لو فكرنا بتمعّن لوجدنا بين أيدينا (الحل) وهو بالطبع أكيد المفعول. لذلك لابد في البداية من توضيح ثلاث حقائق تمهد لتصديق هذا الحل:
• عندما تتعرض ثمار الشجرة لمرض، فإننا لا نعالج الثمرة ولا الشجرة بل نعالج التربة.
• عندما تمرض أعضاء جسمنا الخارجية -العين مثلاً- فإننا نبلع حبات الدواء لداخل الجسم.
• جميع أمراض الإنسان نابعة من داخله عدا الجروح والرضوض؛ لأنها ناتجة عن خطأ من فعل الإنسان نفسه.
نستطيع الآن أن نضع أيدينا على مكمن الأمراض الاجتماعية التي نعيشها، وتسبب لنا مر الشكوى.. من الفساد والنفاق والمحسوبية، ونظن بالخطأ أن علاجها يكمن خارج أجسامنا، ويتعلق بغيرنا، وننسى أن العلاج في أنفسنا.. ويبدأ بـ (إيمان) كامل من داخل القلب.
تخيّلوا معي لو أن الموظف المسؤول يخاف الله حق مخافته.. ويعلم كيف يجسّد معنى كلمة رحمة.. وفوق ذلك يؤمن أنه لن ينفعه ولن يضره أحد بشيء لم يرده الله له، تُرى ماذا يمكن أن يُحدثه هذا المسؤول من هزة في المرفق الذي يعمل فيه؟ وفي الإدارات الأخرى؟ وبالتالي وبين جميع (المتمصلحين)!
بكل تأكيد سوف نسمع الكلام المعتاد، بأن يدًا واحدة لا تُصفّق، ولكن أيضًا بكل تأكيد إذا بدأت اليد الواحدة واشتغل صاحبها (بإيمان) على إصلاح نفسه، سوف يصبح الصغير والكبير يخاف الله، ويؤمن بأنه محاسب.. واليد الواحدة سوف تُصبح أيادي كثيرة، ويد الله مع الجماعة، لأن الله وعد الذين يخافونه ويتقونه.. وسوف يظلهم تحت ظل عرشه.


 
إطبع هذه الصفحة