الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :توكلنا .. ونسينا أن نعقلها
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة عكاظ
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 26/12/1433
نص الخبر :
حادثان مأساويان أفسدا على الناس فرحتهم بعيد الأضحى المبارك راح ضحيتهما أكثر من خمسين روحا بريئة وأكثر من مائة وخمسين جريحا. الأول نتج عن سقوط سلك تيار كهربائي عال في حفل زواج على الباب الحديدي المكهرب ليصعق الحشود المتدافعة هلعا. أما الثاني فنتج عن اصطدام شاحنة خزان غاز بجسر مما أدى إلى تسرب الغاز واشتعاله ناشرا النار في الطريق بين المنازل والسيارات والمارة، لقد ترحمنا على من مات منهم وسألنا لهم الله المغفرة محتسبين ولأهلهم الصبر وحسن العزاء، ونحن قوم نؤمن بقضاء الله وقدره.
ولكن دعونا نسأل أنفسنا هل فعلنا كل ما كان علينا أن نفعل لنتجنب ما حدث؟. أم أننا اتكأنا على الله متوكلين دون أن نأخذ الأسباب في اعتبارنا وكأننا نختبر إرادته وقدره؟. فحين سأل الإعرابي نبينا الكريم عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم بشأن ناقته هل يتركها طليقة متوكلا على الله أم يربطها، أجابه المعصوم «أعقلها وتوكل»، أي احتاط للأمر وافعل ما ينبغي عليك أن تفعل، ثم دع الباقي على الله يجري قضاءه كيف شاء.
ولكننا فيما يبدو درجنا على العمل بالشق الثاني من القاعدة النبوية الرشيدة، وأهملنا شقها الأول، أي الإجراء العملي الذي يختص بالمسؤولية. معتقدين بأن هذا هو سنام الإيمان وقمته، بينما في الواقع يسمى هذا تهاونا وإهمالا للواجب وتهربا من تحمل المسؤولية.
ففي الحادث الأول هناك شبهة بأن السلك قطعته أعيرة نارية أطلقها أحدهم تعبيرا عن فرحته بالحدث الاجتماعي السعيد، ونعرف أن هذا تقليد بدوي قديم، إلا أن كونه تقليدا اجتماعيا لا يعني أن نسمح به، لأنه ضار وخطر، وقد كان الملك المؤسس عبد العزيز، وهو من هو، لا يتهاون في مواجهة العادات الضارة، وهو (رحمه الله) لم ينشئ الهجر إلا ليحارب البداوة ونمط العيش البدوي، لأن نمط الحياة البدوية لا يستقيم وإنشاء دولة حديثة مستقرة تخضع لنظم المؤسسات والقانون.
أما الحادث الثاني فيجسد قمة الإهمال واللامسؤولية، فشاحنة خزان غاز تتحرك وعلى ظهرها أطنان من الغاز السائل في الطرقات والمناطق المأهولة بحرية، إنما هي قنبلة تكفي قوتها التدميرية لإحداث أضرار في الأرواح والممتلكات أكبر مما يمكن أن تسيطر عليه قوى الدفاع المدني مهما بلغت إمكانياتها. وفي الدول المتقدمة حيث يهتم الناس بدرء المخاطر ويحتاطون تخصص لمثل هذه الشاحنات أوقات محددة لتحركها وطرقات معينة وتسير أمامها سيارة من الشرطة أو الدفاع المدني وأخرى خلفها تقودها إلى حيث ينبغي أن تصل.
ولك أن تتصور مدى ما كان يمكن أن تحدثه الشاحنة الخزان من أضرار لو لم يكن اليوم عطلة خلت فيه الشوارع من زحمتها المعتادة في مثل هذه الساعة، ولك أن تتخيل ما كان يمكن أن يحدث لو أن حمولتها تلك تسربت وهي في شوارع المدينة الضيقة ولم تكن في الطريق السريع..
لا أريد أن أطيل، ولكن يبدو لي أننا نحتاج لأن نوسع مفهومنا للأمن أكثر مما هو عليه.
www.binsabaan.com


 
إطبع هذه الصفحة