الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :يبيعون سياراتهم لدفع تكاليف الماجستير
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 30/03/1433
نص الخبر :
أ. د. محمد خضر عريف
الأربعاء 22/02/2012
لم تشهد المملكة العربية السعودية نشاطًا فائقًا في حركة الابتعاث خصوصًا والتعليم العالي عموما كالذي تشهده في هذا العهد الزاهر في تاريخها، وكأن قائد هذه الأمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله بنصره وتوفيقه يقول لكل الشباب السعودي من الجنسين: لا عذر لأحد منكم في أن يتقاعس عن إكمال دراسته الجامعية على الأقل، ناهيكم عن الدراسة العليا، فالفرص متاحة في الجامعات السعودية التي أصبحت تعد بالعشرات والتي تضم كل التخصصات بدءًا بالبكالوريوس وانتهاء بالدكتوراه إضافة إلى مئات برامج الدبلوم والتدريب.
وسوى ما هو متاح في الجامعات السعودية فإن باب الابتعاث الخارجي مفتوح على مصراعيه ولأرقى الجامعات العالمية في أوروبا وأمريكا وشرق آسيا وسواها.
وفي هذه المجالات جميعًا تتحمل الدولة مشكورة تكاليف بالملايين لسفر المبتعثين ورواتبهم ورسوم دراستهم الباهظة في كثير من الدول إضافة إلى بدلاتهم وعلاجهم وتكاليف أسرهم وهلمَّ جرّا وذلك تأصيلًا وتفعيلًا لسياسة المملكة الثابتة التي تنص على مجانية التعليم المتاح لكل المواطنين.
ومن بين أبناء المملكة الذين يسعون جاهدين لخدمة دينهم ووطنهم طلاب وطالبات التحقوا بكثير من برامج الماجستير التنفيذية كما تسمى في كل الجامعات السعودية تقريبًا، وهي برامج مدفوعة التكاليف، وتكاليفها مرتفعة في مجملها وتصل إلى خمسين ألف ريال في متوسطها في العام الواحد، وقد تصل إلى مائة ألف ريال في البرنامج كله الذي يكون في حدود سنتين، ويُطلب من كل طالب تسديد رسوم كل فصل دراسي قبل بدئه أي حوالى خمسة وعشرين ألف ريال مطلع كل فصل دراسي، وللجامعات الحق في تحصيلها بالطبع لتغطي تكاليف تسييرها ما بين أجور للأساتذة ومصاريف إدارية وتوفير قاعات وتجهيزات فنية وسوى ذلك كثير، ولا يبقى للجامعات إلا النزر اليسير.
وبالطبع، فإن توفير هذه المبالغ الطائلة من قبل الطلاب أمر صعب للغاية وأعلم عن كثير منهم ممن اقترض من البنوك قرضًا شخصيًا لدفع هذه الرسوم ومنهم من باع سيارته، وكل ذلك في سبيل التحصيل العلمي الذي تتاح لهم فرصته في الفترات المسائية أو يومي الخميس والجمعة، فمعظم الملتحقين بهذه البرامج عاملون ولا يتمكنون من الدراسة الصباحية، وعلى مدى أعوام مضت درجت وزارة التعليم العالي مشكورة على دفع هذه الرسوم للجامعات، ولو متأخرة، وبالطبع تعمد الجامعات من بعد ذلك إلى إرجاع هذه الرسوم للطلاب، ولو كان ذلك بعد فصل أو فصلين، فيخفف ذلك الكثير من العناء عنهم أو يتمكنون من دفع رسوم الفصول المتبقية وهكذا، وفي الفترة الأخيرة لاحظ الطلاب توقف دفع وزارة التعليم العالي لهذه الرسوم، ولم يجدوا إجابات شافية لدى المسؤولين في الجامعات خصوصًا في عمادات الدراسات العليا حول إمكانية صرفها من الوزارة أو عدمها، وتركهم ذلك في حيرة شديدة، فبعضهم كان يظن أنه سيستعيض ما دفعه خلال فصل دراسي أو عام على الأكثر، بحيث يعيد دفعه لما تبقى من البرنامج، ولما لم تدفع الوزارة التكاليف أصبح الطلاب في «حيص بيص» ولا يعرفون كيف يدبرون المبالغ المتبقية.
والواقع أن تكاليف هذه البرامج إذا ما قورنت بتكاليف الطلاب المبتعثين في الخارج تكاد لا تذكر فالوزارة تتكفل بسفر المبتعثين ورواتبهم وعلاجهم وتكاليف دراستهم، بينما لا يكلف الطالب الدراسي في البرامج التنفيذية المدفوعة التكاليف في الجامعات السعودية سوى رسوم دراسته وهي مقارنة بتكاليف الابتعاث لا تكاد تذكر كما أسلفنا. إضافة إلى أن هذه البرامج تؤهل الدارسين بشهادات عليا فوق جامعية في تخصصات يحتاج إليها الوطن حاجة ماسة في حقول الهندسة والعلوم والإدارة والطب والإعلام وسواها، وكل مجالاتها تنفيذية تطبيقية عملية في مجملها.. لذلك فإن عون هؤلاء الطلاب على دفع تكاليفها واجب وطني بالدرجة الأولى.
وعليه فإن هذه المقالة تعرض قضية هؤلاء الطلاب بكل شفافية، أمام المسؤولين في وزارة التعليم العالي أولًا في تسريع دفع رسوم هذه البرامج في الجامعات السعودية المختلفة. ولو بلغت مئات الملايين، لأننا على ثقة من أن حكومة خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله لن تألو جهدًا في عون أبناء هذه الأمة ومساندتهم لمواصلة دراساتهم العليا لخدمة بلادهم ودفع عجلة تنميتها.
وبوصفي أستاذًا لبعض مواد هذه البرامج، لمست معاناة شديدة لدى الطلاب في دفع التكاليف التي قد تزيد عن دخل الواحد منهم طوال العام. والأمل معقود في وزارتنا الكريمة وزارة التعليم العالي بعد الله تعالى لتحد من معاناة هؤلاء الأبناء بدفع تكاليف دراستهم في القريب العاجل إن شاء الله.


 
إطبع هذه الصفحة