الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :أبناؤنا المراهقون..من الهامش إلى المتن
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة الوطن
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 27/07/1432
نص الخبر :

في الوطن العربي اليوم نجد حراكا اجتماعيا وثقافيا وحواريا ظهر على الساحة ليواكب احتياجات شريحة الشباب، خاصة أنهم دخلوا وبقوة إلى العالم الافتراضي الذي لا يمكن أن تُعرف له حدود، بل إننا نجد أن الكثير منهم أصبح يطرح قضاياه ورؤاه إما للمشاركة أو التعريف أو حتى لمجرد إثبات وجوده، وإيمانا بخطر المرحلة وأهميتها تحركت الجمعيات المدنية والمؤسسات الثقافية والتربوية الخاصة منها والعامة باتجاه احتواء هذه الشريحة، والمهم هنا أن نذكر أنه في نفس الوقت تحرك الإعلام الخاص من أجل الجذب أو التملك لأسباب مادية وغيرها للاستفادة من قوى شرائية أثبتت أنها مؤثرة متمثلة في هذه الشريحة الكبيرة من الوطن العربي، وأخرى فكرية ثقافية منها ما يهدد أصالة هويتنا العربية ومنها ما يهدد وحدتنا، تحرك تحدثنا من قبل عن أهمية مواجهته من خلال تجهيز المناعة الفكرية من خلال التدريب على أساليب التفكير الناقد لدى الشباب بالتهيئة والتدريب المبني على أرضية ثقافة دينية وانتماء وطني ثابت ومتين.
شبابنا لديه احتياجات وقضايا ومؤسسات منها من يحاول أن يفيد ومنها من يحاول أن يستغل ويستفيد، ولكن ماذا عن الشريحة الأقل سنا؟ شريحة المراهقين، فمما لامسته من خلال متابعتي للبرامج الثقافية والحوارية والفعاليات التي تقام من دورات وورش عمل إلى احتكاكي ببعض طالبات المرحلة الثانوية والمتوسطة، لاحظت أن هنالك تجاهلا لن أقول تاما ولكن أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه مؤثر، وهنا أعني سلبيا.
لماذا سلبي؟ لأن هذه المرحلة العمرية التي تتميز بالتحدي وأحيانا بالتهور، والتعرف على الهوية، كما تُعرف أيضا بالشعور بالظلم لعدم تفهم الغير، حسب إيمانهم وتقديرهم للأمور نظرا لعدم وصولهم لمستوى النضج الفكري والنفسي والشخصي الكافي، ولكن هذا لا يعني أن مخاوفهم ليس لها وجود على أرض الواقع، أليس لدينا أبناء لأسر متفككة، أسر تعيش في كنف أولياء أمور يتصفون بالقسوة والاستبداد، أسر ما زالت تعيش في كنف الجهل الثقافي أو تجنح لتصديق الخرافات والشائعات أكثر من أن تتقبل الأمور بعقلانية العلم والمنطق، أبناء يتمردون على فكرة زواج والدتهم الأرملة أو المطلقة حتى وإن عايشوا معاناتها، أبناء يتأرجحون بين فكر حديث وفكر متحجر داخل أسرة واحدة؟ وغيرها، وغيرها الكثير. إن تحدثوا اعتبر حديثهم تمردا، وإن تراجعوا وانطووا، لم يلاحظ ألمهم أحد، فيبحثون عن البديل.
السؤال هنا لماذا نتجاهلهم؟ وأنا لا أفرض رأيا بل أسلط الضوء على واقع، فليرشدني أحد إلى برنامج حواري سواء على المذياع أو الرائي يناقش قضاياهم الاجتماعية والفكرية بحضورهم ومشاركتهم وعلى الهواء مباشرة، أرشدوني إلى أدبيات تتناول قضاياهم وتتحدث إليهم، نخرج بقصص وروايات وقصائد عاطفية أو اجتماعية تكسب الجوائز في كل مكان، ويستعصي علينا رواية واحدة لهم، أرشدوني إلى صفحة في الصحف مخصصة لكتاباتهم، عذرا هنا يجب أن أذكر ومن خلال خبرة شخصية، صفحة النقاشات في صحيفة الوطن السعودية التي كانت تستقبل مشاركات بعضهم، ولكن ليس عن علم بعمر صاحب المشاركة ولكن عن تقدير لمستوى الفكر وطريقة معالجة القضية المطروحة، أي المساهمة غير المباشرة في إيصال الصوت، ولكن ما أعنيه هو طريقة مباشرة باستحداث صفحة خاصة بهم، أرشدوني إلى عمل درامي محلي واحد توجه إليهم من غير أن يكون موضوعهم على هامش الأحداث أو مكملا لها.
والآن كيف نصل إليهم؟ بقليل من الإرادة والالتزام، بتشجيع الأدبيات التي تخاطبهم، بتخصيص صفحات لهم في المجلات والصحف، وحبذا لو كان بمشاركتهم في التحضير والتفنيذ، بإعداد البرامج الثقافية والدرامية والحوارية التي تخاطبهم مباشرة، بإنشاء مواقع على النت خاصة بهم تستقبل مشاركاتهم في جميع المجالات وعرضها على المختصين واستضافتهم للحوار المباشر، بإقامة الندوات الاجتماعية وورش العمل الخاصة بهم والإعلان عنها في جميع وسائل الإعلام من أجل التمكن من الوصول إليهم ومشاركة أكبر عدد منهم، بإجراء استفتاء على مستوى المدارس للتعرف على ما يعتبرونه قضايا ومشاكل وتحديات من وجهة نظرهم، ومن ثم يتم التحرك ويفتح المجال أمام المتطوعيين من المختصين من الأكاديميين والأدباء والكتاب والإعلاميين لمد يد المساعدة كل حسب قدراته ووقته، لم الخوف؟! إن كانوا قيد الثقة في تعليم وتثقيف ومخاطبة شرائح كثيرة ومتنوعة من المجتمع فهم بالتأكيد لن يكونوا سوى أفضل عون للبيئة التعليمية والتربوية والمجتمع في التخاطب مع المراهقين، إن زيارة شخصية عامة أو خاصة لهذه المدارس والتواصل مع طلبتها وطالباتها لفترة قصيرة ستساهم في حل مشاكل كثيرة آنية ومتوقعة، وأخيرا لم يبق لدي سوى أن أقول إنه آن الأوان أن ننقلهم من الهامش إلى المتن ونتعامل معهم على هذا الأساس، فإن لم نفعل فسوف يفعل غيرنا، والله أعلم بالنوايا، والله يستر من النتائج.

ميسون الدخيل        2011-06-29 4:29 AM


 
إطبع هذه الصفحة