الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :أهو مخاض نظام عالمي جديد..؟!
الجهة المعنية :إدارة العلاقات العامة
المصدر : جريدة عكاظ
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 30/12/1429
نص الخبر :

 


د. صدقة يحي فاضل
أهو مخاض نظام عالمي جديد..؟!
ماذا يجري في العالم من أحداث ووقائع، خاصة فيما يتعلق بالهيمنة الأمريكية والغربية الراهنة؟! عندما نسأل هذا السؤال، أو ما شابهه، فإنما نتساءل عن «النظام العالمي» الراهن. والتساؤل حول هذا الموضوع يعني: التساؤل – بصفة عامة – عن العلاقات الدولية، في الوقت المعين، وعن طبيعة سير وتطورات هذه العلاقات... وما تتمخض عنه من نتائج ووقائع... وفوائد لأقوام، ومضار لأقوام آخرين. هذه العلاقات (الدولية) تصنع التاريخ... وفي كل المجالات، وجميع الجوانب – تقريباً. وهذه الأهمية تكفي لكي تكون هذه العلاقات، وما يجري في إطارها من أحداث، محور اهتمام البشر، بشتى فئاتهم.
إن « النظام العالمي» (World Order) هو: وضع القوة (Power) في العالم في وقت معين، ومدى سيطرة القوى الأكبر على العلاقات الدولية في وقتها. و “الدول” من حيث مدى ما لديها من عناصر القوة، ترتب تنازلياً إلى سبع فئات، هي كالتالي: عظمى، كبرى، كبيرة، متوسطة، صغيرة، صغرى، دويلة. ومعظم علماء العلاقات الدولية يصنفون «النظم» العالمية بناء على معايير: عدد القوى العظمى(في الوقت المعين) والكبرى، وطبيعة علاقات المصالح والعقائد فيما بينها.
وتبعاً لذلك، هناك خمسة أنظمة عالمية ممكنة، هي: 1- نظام القطبية الثنائية الهشة 2- نظام القطبية الثنائية المحكمة 3- نظام توازن القوى (الكبرى) 4- نظام القطب الواحد 5- نظام التعدد القطبي..
والنظام العالمي الحالي هو نظام القطب الواحد (والقطب فيه الآن هو: أمريكا). وقد ظهر هذا النظام بعد زوال النظام العالمي السابق عليه، وهو نظام القطبية الثنائية الهشة (الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة) في العام 1991م. وما زال قائماً حتى الآن، وحتى إشعار آخر.
النظام العالمي الراهن عمره الآن حوالى العقدين. والنظام العالمي (كما هو معروف) هو دائماً في حالة تغير... بسبب التغير المتواصل في مدى «قوة» دول العالم (إيجاباً وسلباً). ولو دامت للأنظمة العالمية السابقة ما وصلت لهذا النظام - الحالي. إذا، النظام العالمي الراهن سيتغير لا محالة... فمسألة الزوال هذه حتمية. التساؤل ينصب فقط على: متى، وكيف سيتغير هذا النظام، وما هو النظام العالمي الذي سيحل محله...؟!
* * *
طبعاً، النظام العالمي (أي نظام عالمي) يتغير إذا ضعف قطبه أو أقطابه، أو قويت شوكة القوى المنافسة (نسبياً) أو حصل الأمران معاً. ومعظم علماء العلاقات الدولية الحاليين، بما فيهم الأمريكيون، يتوقعون أن يكون النظام العالمي القادم هو نظام الأقطاب المتعددة... أي أنهم يرون: إن نظام القطب الواحد الحالي في سبيله للزوال، وأن نظاماً عالمياً متعدد الأقطاب سيحل مكانه... أما الأقطاب المتوقعين فهم: أمريكا، الصين، روسيا، أوروبا(الاتحاد الأوروبي). والنظام العالمي الحالي سيتغير بسبب تراجع قوة أمريكا (نسبياً) وتصاعد قوة «أقطاب» محتملين قادمين، نسبياً أيضاً.
البعض يرى أن أحداث جورجيا، التي وقعت في أغسطس 2008م، هي نذير بصعود قطب جديد... لمشاركة الولايات المتحدة في التربع على قمة العالم الاقتصادية – السياسية. ثم تأتي الصين بعد ذلك، وأيضاً أوروبا. وقد نعود لأحداث جمهورية جورجيا فيما بعد ( والتي تأجل على إثرها قيام إسرائيل بضرب إيران ). كما أن «الأزمة المالية» الخانقة التي تتعرض لها أمريكا حاليا، والتي سببتها إدارة «المحافظين الجدد» لأمريكا والعالم، سيتمخض عنها، دون شك، اضمحلال في قوة أمريكا، وتدهور في عنفوانها. ورغم ذلك، فإن من السابق لأوانه الحديث عن مخاض نظام عالمي جديد... لعدة أسباب، أهمها: استمرار الولايات المتحدة كأقوى قوى العالم، وعدم وصول منافسيها بعد إلى درجة قريبة من مستوى قوة الولايات المتحدة.
* * *
نعم، سيتغير النظام العالمي الراهن لا محالة. ولكن متى؟!... هذا يظل تساؤلاً قائماً. فربما يفرض نظام القطبية المتعددة نفسه خلال 10-20 سنة (الله وحده أعلم). ويتوقع أن النظام العالمي القادم (متعدد الأقطاب) نظام يتركز فيه الصراع بين الأقطاب على المصالح القومية، وليس على خلافات إيديولوجية معينة. فالخلافات الأخيرة ربما لن يكون لها مكان يذكر في النظام العالمي القادم... بسبب عدم اكتراث الأقطاب بها، والتقارب الإيديولوجي (النسبي) بين الأقطاب المتوقعين.
لقد سقى النظام العالمي الراهن العالم – أو معظمه – الأمرين... ونسبة كبيرة من سكان العالم تنتظر (على أحر من الجمر) أن يتغير هذا النظام، في أسرع وقت ممكن. وجاءت أحداث جيورجيا، والأزمة المالية، لتعطي هؤلاء بعض الأمل. ولكن مزيداً من الصبر ما زال رابضا أمام هؤلاء.

للتواصل ارسل رسالة نصية sms إلى الرقم 88548 تبدأ بالرمز 121 مسافة ثم الرسالة

 
إطبع هذه الصفحة