الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :إنه الاقتصاد فعلاً
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 30/12/1431
نص الخبر :
 
أ.د. سالم بن أحمد سحاب

في شريعتنا المطهرة، يرفع الله بالعلم أقوامًا ويضع آخرين. وصاحب البصيرة المؤمن يرى أثر ذلك فعلاً بين الناس، وفي المجتمع، بل وحتى بعلوم الدنيا يرتفع أقوام، ويتراجع آخرون. فالحائز مثلاً على جائزة نوبل في أحد فروعها العلمية المعتمدة سيخلد اسمه في التاريخ أولاً، وسيلاقي من الحفاوة والتقدير ما لا يلاقيه كثير من الساسة، وصنّاع القرار، بل وحتى رجال المال والأعمال.
لكن في المقابل يبدو أن هذا المبدأ لا ينسحب على الدول والحكومات، بقدر ما ينطبق عليها اليوم قول القائل: (بالاقتصاد ترتفع دول، وتهبط أخرى). وأمّا أساس نجاح الاقتصاد فهو تجنبه (الديون)، خاصة تلك التي تفوق بجلاء واضح قدرة المؤسسة أيًّا كانت على السداد، حتى لو كانت دولة (أد الدنيا).
وإذا كانت منطقة اليورو هي أكبر المناطق الاقتصادية في العالم، فإنها اليوم كذلك من أكثرها تعرضًا لخطر (الإفلاس) على مستوى الدول والحكومات. والسبب هو سياسة (الاقتراض الفاحش) التي ارتكبتها حكومات متعاقبة لا تنظر إلى أبعد من فترة حكمها؛ لتبدو للجماهير حكومات خير ورفاه ونمو وتنمية، ويشاركها في الذنب الجهات المقرضة أيًّا كانت بما فيها الحكومات الأخرى، والتي كانت تحلم بفوائد مرتفعة تجنيها بعد حين.
اليونان كانت مثلاً سابقًا ولا تزال. واليوم تتصدر آيرلندا أخبار الصفحات الاقتصادية، ومحطات التلفزة المتخصصة، واجتماعات الرؤساء، ووزراء المال في منطقة اليورو بحثًا عن سبل إنقاذ الدولة من الانهيار الوشيك عبر سلسلة جديدة من القروض (الضخمة) المؤجلة التي يشك حتى مواطنوها في قدرة الدولة على سدادها ولو بعد حين.
ويبدو أن الأزمة ستطال آثارها القريبة البرتغال وإسبانيا، وربما إيطاليا، وغيرها لاحقًا، كما تطال آثار لعبة الدومينو المتراصة بقية الحجارة التي ستسقط متى ما سقطت بعضها.
ويتوقع محللون سياسيون واقتصاديون أن تنطوي الولايات المتحدة في وقت ليس بالبعيد على نفسها؛ لتعالج همّها الاقتصادي ومديونياتها الهائلة ذات التكلفة الربوية الباهظة.
إنه الاقتصاد فعلاً، وإنه لفشل ذريع للنظرية الاقتصادية الحديثة التي تشجّع على الاقتراض غير المسؤول، وعلى الاستهلاك غير المتوازن، وعلى (الفشخرة) دون تعقل.


 
إطبع هذه الصفحة