الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :التحايل على الأنظمة
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريدة المدينة
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 30/12/1431
نص الخبر :

 

 
د. عبدالرحمن سعد العرابي

* في الخبر الذي نشرته صحيفة (عكاظ) الخميس الماضي أساليب ووسائل يلجأ إليها البعض للتحايل والهرب من عدسات نظام (ساهر) المروري، فالبعض حسب الخبر «يعتّمون لوحات سياراتهم برذاذ الغبار، الذي تُباع عبواته في محال الزينة بأسعار 30-50 ريالاً.. وعمد آخرون إلى تشويه اللوحات بقطع من الطين؛ لإخفاء أجزاء من الحروف والأرقام لتضليل الكاميرات».
* هكذا خبر في يقيني المعرفي والعرفي والمبادئ يوضّح بجلاء المدى الذي وصلت إليه الذهنية المجتمعية السعودية في التفنن، والحرفنة للتحايل على الأنظمة والقوانين، وهي ذهنية سلبية وخطيرة جدًّا على بناء واستمرارية وحياة مجتمع إنساني سليم، لأنه مع سيادتها وانتشارها تنتفي أساسيات مبادئية وأخلاقية في المجتمع في احترام الأنظمة وتطبيقاتها.
* واستطلاع فحصي بسيط لواقع المجتمع السعودي يوضّح أن حالة التحايل على كاميرات ساهر ليست سوى امتداد لما هو سائد في ذهنيات مجتمعية عديدة في كثير من جوانب حياتنا اليومية، سواء كأفراد، أو مؤسسات بما فيها الحكومية والأهلية: فكم من قصص نسمع عن النصب في مشاريع وهمية لسلب متوسطي الحال، والسذج مبالغهم وتحويشات عمرهم، كما حدث مع مساهمات سوا والعقاريات والأسهم وغيرها كثير. وكم من نصائح وفذلكات يروّجها بعض الفاسدين لهذا أو ذاك في تحسين أحوالهم ووضعهم المجتمعي بنيل شهادة عُليا ليس له منها نصيب سوى أوراق البنكنوت، وكلها عدا حبرها مزوّرة، وليس لها قيمة سوى ورقها ولمعانه، وإطار البرواز الذي يحملها.
• الخطير أن التحايل على الأنظمة أصبح وكأنه القاعدة في معظم التعاملات الحياتية، وبين كل الذهنيات، بما فيها الوافدة، حتى أصبح استخراج رخصة عمل، أو محل تجاري، أو بناء أو مؤسسة لا يتم إلاّ من خلال التحايل على النظام، وغدا إنجاز أي مشروع، أو إرساؤه لا يتم إلاّ بالتحايل على النظام. بل حتى في أبسط الأشياء مثل الإصلاحات المنزلية، أو بناء المنازل لا يتم بصورة سليمة، إن لم تكن هناك متابعة من صاحب الشأن، تصل إلى حد إصابته بالضغط والسكر والعياذ بالله.
• مثل هذه السلوكيات أثَّرت بشكل سلبي خطير على واقع مجتمعنا المحلّي، وغيَّرت مفاهيم إنسانية رفيعة، ومبادئ أخلاقية سامية إلى عكسها مثل: الصدق، والإخلاص، والنزاهة، وأصبحت تشكّل خطرًا على البناء الذاتي للشباب، وهو ما يثير القلق من مستقبل المجتمع.
• أمّا بالنسبة إلى كل الذين يتحايلون على نظام ساهر، ويصرفون مبالغ وجهودًا لذلك، فأقول لهم: هناك طريق واحدة مُنجّية وصحيحة، وتتوافق مع المبادئ والفضائل والأخلاق والفطرة الإنسانية السليمة، وهي: اتّباع النظام، وعدم تجاوزه بالسرعة، أو قطع الإشارة، أو أيّ مخالفات مرورية تستدعي المحاسبة، وهي طريق تريح العقل، وتوفر الجهد والمال!!


 
إطبع هذه الصفحة