الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :في عين العاصفة!
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : جريد الاقتصادية
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 28/12/1431
نص الخبر :
د. مقبل صالح أحمد الذكير

كتب إلي أحد كبار رجال الأعمال من المشتغلين في النشاط المصرفي والعقاري قائلا: من الواضح أن العالم يمر اليوم بدرجة عالية من القلق الاقتصادي وعدم اليقين حول اتجاهات مستقبل الاقتصاد العالمي بسبب تداعيات الكارثة المالية العالمية التي تفجرت في الولايات المتحدة منذ نحو سنتين. وقد تضافرت الشواهد والمؤشرات الاقتصادية على أن هذه الأزمة فاقمت من مشاكل الاقتصاد الأمريكي وزادت من تراجع قدرته التنافسية. الأمر الذي انعكس على ضعف الدولار. والمعروف أن مكانة أي عملة مرتبطة بقوة الاقتصاد.

وأضاف قائلا: استلم الرئيس أوباما إرثا ثقيلا واقتصادا شبه منهار، وجاء انتخابه تعبيرا من مواطنيه عن رغبتهم في رئيس ينقذ اقتصادهم. وقد استعان أوباما بخيرة العقول الأمريكية، وفعل هو وأركان إدارته كل ما يمكنهم عمله لإنقاذ الاقتصاد وحماية وظائف مواطنيه وإصلاح النظام المصرفي والمالي من عواقب هذا الزلزال الاقتصادي المدمر الذي خلفه العهد السابق. ومع ذلك، وعلى الرغم من كل ما يملكه الاقتصاد الأمريكي من موارد طبيعية، وكفاءات بشرية، ومؤسسات اقتصادية، ونظم إدارية، وإرث علمي وحضاري، ظلت الكارثة أكبر من خطط الإنقاذ.

واستمر رجل الأعمال قائلا: إنني كرجل أمارس النشاط المصرفي لما يزيد على نصف قرن، لم يسبق أن اهتزت ثقتي في الدولار كما هي اليوم! وإن ما يثير قلقي وقلق غيري، ليس فقط الوضع الحالي، وإنما ما يحمله المستقبل الذي يبدو كثير الغموض. وما ارتفاع سعر الذهب والنفط في الأسواق الدولية، إلا انعكاس طبيعي لاهتزاز ثقة العالم في الاقتصاد الأمريكي وفي عُملته. وقد أكد تقرير صدر عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة أخيرا، أن الدولار لم يعد عملة موثوقا بها وينبغي استبدالها بنظام أكثر استقرارا.

وأضاف: نتذكر جميعا أن القوة العسكرية لم تسعف الاتحاد السوفياتي وتحميه من التفكك، على الرغم من أن البعض كان يعتقد بمناعته وقوته وقدرته على تخطي علامات الضعف الاقتصادي التي بدت عليه لأكثر من عقد من الزمان قبل تفككه في عام 1990م. فهل تنذر الاضطرابات الاقتصادية التي يموج بها العالم اليوم بحدوث تغيرات عنيفة في الجانب الغربي من الكرة الأرضية؟ ومع تسليمنا بالفارق الكبير بين الحالة السوفياتية والأمريكية، إلا أن حدوث تطورات خطيرة في الاقتصاد الأمريكي سيكون لها تداعيات عنيفة تطول كل دول العالم؛ نظرا لضخامة حجم هذا الاقتصاد.

ثم أنهى الرجل كلامه قائلا: بتنا نلاحظ أن خطط الدعم وبرامج الإنفاق الضخمة التي تبنتها الولايات المتحدة من خلال السياستين المالية والنقدية أخذت تثير شكوكا قوية حول مدى قدرة الدولار على التماسك في مقابل بقية عملات العالم. وكذلك عما سيترتب على هذه السياسات من آثار على معدلات التضخم، ومستويات أسعار الفائدة، وحركة التدفقات التجارية، وتكوين الاحتياطات النقدية، وأسعار السلع الأساسية، وبشكل عام أثارت هذه التطورات تساؤلات منطقية حول قدرة الدولار الأمريكي على الحفاظ على مكانته الدولية.

وقد اطلعت على مقالتك الأخيرة الموسومة: ''ثورة ضد الدولار''، وأود أن أسألك: هل ضعف الاقتصاد الأمريكي هو أمر عابر من قبيل التقلبات الدورية المعتادة، أم هو خلل متجذر يشير لمرحلة جديدة؟ وهل ستفلح خطط الإنقاذ في استعادة الاقتصاد الأمريكي والدولار لمكانته الدولية؟ وسؤالي المهم هو: هل نستطيع - عمليا وواقعيا - نحن هنا كمسؤولين ورجال أعمال ومصرفيين وشركات وأفراد، ونحن في عين هذه العاصفة، أن نفعل شيئا من أجل حماية مدخراتنا ومصالحنا وما هو؟ وسأجيب عن هذه الأسئلة في الأسبوع القادم بحول الله.


 
إطبع هذه الصفحة