الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :هاشم بين حصارين
الجهة المعنية :مقالات أعضاء هيئة التدريس
المصدر : صحيفة البلاد
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 29/06/1431
نص الخبر :

أ.د. محمود نديم نحاس
أ.د. محمود نديم نحاس
لست ممن يقولون بأن التاريخ يعيد نفسه، فكل حدث في الدنيا يختلف عن غيره. إنما الشيء بالشيء يذكر. فحصار غزة هاشم يذكرنا بحصار قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعشيرته في شعب بني هاشم. فقد خططت قريش لقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، وطلبت من عمه أن يسلمه ليقتلوه، وإلا فالحرب ستكون شاملة على عشيرته. لكن الإباء العربي رفض، فعمد أبو طالب وعشيرته إلى شِعب بني هاشم في الجبل، ليمنعوه. ففرضت قريش حصاراً شاملاً كتبته في صحيفة علقته في جوف الكعبة، بألا ينكحوا إليهم ولا ينكحوهم، ولا يبيعوهم شيئا ولا يبتاعوا منهم، ولا يعاملوهم حتى يدفعوا إليهم محمداً ليقتلوه. واستمر الحصار ثلاث سنوات. لكن تسبب صمود بني هاشم في تفتيت جبهة الحصار، فبدأ ذوو الحميّة في تسريب البضائع إليهم، إلى أن تم كسر الحصار.
لم يكن كل مَن في الشِّعب من المسلمين، ولم يكن الذين كسروا الحصار من المسلمين، إنما رأوا الظلم الذي لحق بمن في الشِّعب، فتحركت عواطفهم، وأعملوا عقولهم، وتوصلوا إلى ضرورة إزالة البغي.
غزة هاشم، هو الاسم الرسمي لغزة، وقد سميت كذلك لما يروى عن وجود قبر هاشم بن عبد مناف، الجد الثاني للرسول صلى الله عليه وسلم، فيها. أما حصارها فمن أغرب أحداث القرن الحالي الذي سبق مجيئه التبشير بأنه قرن السلام الخالي من الحروب!
يفرض الصهاينة الحصار على غزة منذ حوالي أربع سنوات، ويمنعون عن مليون ونصف من البشر كل شيء، ويسدون الطرق البرية والجوية والبحرية. فإذا بأهل غزة صامدون رغم الألم. وهذا ما جعل عقلاء العالم وأهل النخوة، من كل الأديان والأمم، يتمردون على هذا الحصار الظالم ويتنادون لرفع المعاناة عن المقهورين والمضطهدين والمحاصَرين، ومد المساعدة إليهم، فيما أسموه أسطول الحرية الذي ضم (750) متضامناً من أكثر من (40) دولة. فلكل هؤلاء التحية والتقدير، ليس لأنهم أصحاب قلوب رحيمة فحسب، بل لأنهم كشفوا الديمقراطية الزائفة، فظهرت حقيقة الاحتلال الذي يرتكب الجرائم بدمٍ بارد، من غير وازع من قانون أو ضمير أو إنسانية. لقد انكشفت عورة الاحتلال عندما هاجم جنوده المدججون بالسلاح ناشطين عزل من ذوي القلوب الحانية، وأصابوا منهم مقتلاً على مرأى من العالم ومسمع!
والعجيب أن يصر المتضامنون على كسر الحصار فيعلنون أن أسطول 'الحرية 2' سينطلق خلال أسابيع، وأنه أكبر حجماً، وأضخم مشاركة، وسيضم العديد من الشخصيات البارزة حول العالم، بينهم برلمانيون وصحفيون.
التاريخ يخبرنا أن الدم لا يضيع، ودماء شهداء قافلة الحرية ستكون نبراساً لفتح جديد لعله يؤدي إلى تشكيل (لوبي) دولي معادٍ للصهيونية، ومؤيد للحق، وتكون أولى أعماله فك الحصار عاجلاً.
أخيراً أشعر بالخجل عندما يأتي المتضامنون البعيدون، ويضحّون بوقتهم وجهدهم ومالهم ودمائهم لنصرة الحق، وأراني مشغولاً بسفاسف الأمور.
كلية الهندسة، جامعة الملك عبد العزيز


 
إطبع هذه الصفحة