الانتقال الى المحتوى الأساسي

جامعة الملك عبدالعزيز

KING ABDULAZIZ UNIVERSITY

الملف الصحفي


عنوان الخبر :دراسة تدعو إلى تشكيل مجلس علمي بتخصصات القضاء بين كليات الشريعة في الجامعات
الجهة المعنية :التعليم العالي
المصدر : جريدة الشرق الأوسط
رابط الخبر : أضغط هنا
تاريخ الخبر : 28/01/1431
نص الخبر :

 السبـت 30 محـرم 1431 هـ 16 يناير 2010 العدد 11372
جريدة الشرق الاوسط
الصفحة: محليات سعودية
الرياض: مساعد الزياني
دعت دراسة متخصصة في العلوم القضائية بالمملكة إلى تشكيل مجلس علمي بين مختلف كليات الشريعة في الجامعات، وذلك للعمل على إصدار معايير خاصة بالجودة والاعتماد الأكاديمي في كل تخصص بعينه من التخصصات القضائية في العلوم الشرعية، وذلك للاستعداد لوتيرة المتغيرات السريعة.

وذكر الأمير الدكتور عبد العزيز بن سطام بن عبد العزيز، الأستاذ المساعد بالمعهد العالي للقضاء معد الدراسة، أن الدعوة لإنشاء المجلس جاءت بناء على الدراسة التي أعدها عما يحتاجه طالب الشرعية من مقررات دراسية في مجال القضاء، في الوقت الذي تقتضيه المصلحة العامة، من مواءمة العمل القضائي وفق الأنظمة الجديدة مع العلم الشرعي، وتلبية المستجدات المعاصرة بما يفي بمتطلبات القضاء الشرعي في المملكة.

وأشار في الدراسة، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إلى أن إجراء الدراسة جاء بناء على متطلبات القضاء الشرعي القائم على تحكيم الشريعة الإسلامية في جميع مناحي الحياة، ولحرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على تأصيل الأمر، والحرص على أن يكون ذلك في جميع جوانب القضاء.

وشدد الأستاذ المساعد بالمعهد العالي للقضاء في دراسته على استمرار تحكيم الشريعة الإسلامية واعتمادها على الكتاب والسنة، مما يتطلب إجراء دراسة المواءمة بين تطور الأنظمة القضائية والتأسيس الشرعي للازم.

وأكد الباحث أن الغرض من إجراء الدراسة الاستعداد لوتيرة التغيرات السريعة والتطور المتنوع، ولكسب الوقت وعدم تضييع الفرص، ولترك التشتت الإداري في عمل الجامعات في المملكة، مشيرا إلى أن الجهاز المتخصص الذي يدعو لإنشائه سيعمل على إصدار معايير خاصة بالجودة والاعتماد الكلي في التخصصات الشرعية بصفة عامة، في ظل صدور نظام القضاء الجديد أخيرا.

وجاءت مطالبات الدراسة في الوقت الذي تتجه فيه المملكة لإنشاء محاكم متخصصة، تتضمن محاكم عمالية، ومحاكم تجارية، وتغيير مسمى محاكم الضمان والزواج إلى محاكم الأحوال الشخصية، إضافة إلى المحاكم العامة. وتتطرق الدراسة التي حملت عنوان «ما يحتاجه طالب الشريعة من مقررات دراسية في مجال القضاء» إلى قراءة الواقع من خلال ثلاث جهات، الواقع العملي، والواقع العلمي، وأخيرا الواقع الإداري، حيث تشير إلى أن الواقع العملي يتمثل في أنه الغالب الأعم قبل 50 عاما من القضايا المنظورة أمام القضاء تكون بين أشخاص حقيقيين، وفي قضايا بسيطة لا يحكمها نظام أو معيار مهني أو عرف خاص، فلا يتطلب الحكم فيها سوى معلومات بسيطة، ودرجة التخصص فيها منخفضة.

وتضيف الدراسة أن استنباط الحكم في تلك القضايا لا يتطلب في الغالب سوى حقائق مناطه، بينما يلاحظ أنه في الغالب يكون أحد المتقاضين على الأقل شخصية اعتبارية، وأن القضية يحكمها نظام ومعيار مهني وعرض خاص، مشيرة إلى أن كميات المعلومات التي يستهلكها القاضي لدراسة القضية تكون أضعافا مضاعفة عما كان عليه الحال قبل 50 عاما.

وأكدت أن استنباط الحكم يتطلب تنقيح مناطه وتخريجه وتحقيقه في الكثير من الأحيان، ولا بد من ذكر توصيف وتسبيب الحكم، وأن يتم جميع ذلك وفق شكل معين متعارف عليه.

في حين أشارت الدراسة إلى أن الواقع العلمي هو محدودية طاقة الإنسان في تحصيل العلوم، بينما تتنوع المسائل التي تعرض عليه في حياته العملية بشكل غير محدود، مما يصعب على أي جامعة أو كلية أن تعلم طلابها جميع المعارف التي سيحتاجونها في وظائفهم العلمية، في الوقت الذي يكون فيه البرنامج المتميز هو البرنامج الذي يؤسس الطالب علميا ومنهجيا تأسيسا رصينا قويا يتعلم كل ما له علاقة بمجاله العلمي والعملي وفق منهج صحيح.

وتطرقت دراسة «ما يحتاجه طالب الشريعة من مقررات دراسية في مجال القضاء» إلى أن الواقع الإداري يتمثل في أن التأسيس العلمي الرصين في جميع مجالات المهنة يتطلب وقتا طويلا جدا، لا تملكه أي جامعة أو كلية، الأمر الذي قسم العلم بين تخصصات مختلفة وقسمت التخصصات إلى أفرع أكثر تخصصية.

وبينت الدراسة أن النظام استحدث تخصصات قضائية جديدة تتطلب إعداد قضاة من خلال برامج دراسات عليا متخصصة متوافقة مع ما جاء في النظام الجديد الذي حدد التخصصات القضائية في 6 أقسام، منها تخصص القضاء الجزائي، وتخصص القضاء الإداري، والقضاء التجاري، والعمالي وأخيرا القضاء العام.

وأكدت أن ذلك يستوجب استحداث تطورات تواكب تلك التخصصات، وتلبي احتياجها، بحيث تكون الجودة الشرعية في البرامج العلمية مرتفعة، مشيرة إلى أنه لا يصلح أن يترك أمر التأهيل الشرعي لبرامج غير مدققة، وربما لا تتوافق تماما مع ما يراد منها بحسب الدراسة.

ووصفت ذلك بما يحدث في قضايا الابتعاث للدراسة في الخارج، عندما تكون العلاقة بين التخصص والعمل المراد من الفقيه أو القاضي ضعيفة فتتحول الوسيلة التي هي الدراسة في الخارج إلى مقصد، ويتحول المقصد الذي هو التخصص في مجال نافع لعمل محدد إلى وسيلة، وكذلك يجب أن تخضع الدراسة في الداخل للتدقيق والضبط العلمي والمهني، وفق التطورات النظامية الجديدة.

وحددت الدراسة إلى أن الإعداد العام يفترض أن يكون تخصصي الفقه وأصوله في كليات الشريعة في المرحلة الجامعة يعدان الطالب إعداد علميا مناسبا كمقدمة لتخصصات القضاء كلها، ولأجل ذلك تشير الدراسة إلى أنه يجدر التركيز في المرحلة الجامعية على الإعداد العام الرصين والقوي وعدم التشتت في تخصصات ضعيفة.

وأكدت أن توسع العلم وتطبيقاته خلال العصر الحالي، وكثرة التخصصات الجديدة والناشئة، يستدعي توسيع قاعدة الإعداد العام، وتعميقها، الأمر الذي يزيد من المتطلبات السابقة، بحيث يستغرق جميع المرحلة الجامعية فلا يكون هناك مجال للتخصص سوى التخصصات العامة التي تعتبر من الإعداد العام مثل الفقه وأصوله.

في حين تبين أن الإعداد المتخصص في القضاء يبدأ في مرحلة الماجستير، من خلال الإعداد العام في تخصص القضاء بجميع مجالاته في السنة الأولى، ويدرس فيها الطالب الجوانب القضائية من المواضيع الشرعية للرفع من مستواه في أصول الفقه، والسياسة الشرعية، والأنظمة العدلية، وتوصيف القضايا، وتسبيب الأحكام، وما يرتبط بتلك المقررات من مقررات مساعدة، ويمكن للطالب تسجيل بحث الماجستير فور الانتهاء من متطلبات السنة الأولى.

في حين تشير الدراسة إلى أن السنة الثانية في دراسة الطالب تتمثل في تعلم أحكام التخصص بتفصيل وتوسع، إضافة إلى تعلم كل ما جد من وسائل الإثبات ونوازل القضاء وطرق التعامل معها والأنظمة والتعليمات المتعلقة بها.

في الوقت التي أوضحت فيه أن بحث الماجستير يتضمن ضرورة تدريس مواد منهج البحث الموضوعي أو النوعي، وأن يكون موضوع البحث ذا علاقة مباشرة بالتخصص الدقيق، وأن يميز بين المطلوب من بحوث الماجستير التي تعني بالتدريب على البحث العلمي بالدرجة الأولى، وبين بحوث الدكتوراه التي تعنى بالتدريب على الإضافة العلمية بالدرجة الأولى.

وأكدت الدراسة أن الواقع السياسي يتمثل في أن توجه الدولة يؤيد ما احتوت عليه الدراسة، خاصة بعد صدور الأنظمة القضائية الجديدة، مستشهدة بصدور قرار مجلس الوزراء الموجه بتدريس الأنظمة في كليات الشريعة، وقرار مجلس التعليم العالي الذي يتضمن برنامجا في مرحلة الماجستير بكليات الشريعة لتدريس الأنظمة.

وقالت الدراسة إن الواقع المهني يدعم توجه الدراسة، في ظل الاعتماد الأكاديمي والجودة العلمية وقرار مجلس التعاون من خلال إنشاء جهة خليجية تعنى بالاعتماد العلمي في الخليج، مما يجعل الأمر ضروريا في الوقت الحالي.

وذكرت أن المشكلة تكمن في عدم وجود معيار مهني علمي خاص بالجودة في التخصصات القضائية، لا من حيث المضمون ولا من حيث الشكل، وغاية الموجود تتمثل في معايير شكلية تصلح لأغلب التخصصات والكليات والجامعات، إضافة إلى عدم وجود أي جهة في العالم متخصصة في إصدار الاعتماد الأكاديمي والجودة العلمية للتخصصات الشرعية على غرار ما هو موجود للتخصصات الأخرى والاعتماد الخاص على الجامعات والكليات وليس بالضرورة الصادق أو الصالح لتخصص بعينه.

وذهبت الدراسة إلى أنه من أجل ذلك يكون الاقتصار على اعتماد الجانب الإداري في الجامعات غير كاف، ولا يغني عن إصدار معايير متخصصة في مجال علمي بعينه، وثمة جهود قامت بها جامعتا الأزهر والقاهرة عبر الهيئة القومية المصرية للجودة والاعتماد الأكاديمي، إضافة إلى جامعة ماليزيا الإسلامية العالمية التي عقدت اتفاقية مع جامعة الإمام.

وأكدت الدراسة أن الإدارات ستضطر إلى التخلي عن الكثير من الموظفين نتيجة للتغييرات الجذرية التي تحدثها تقنية المعلومات في البيئة الإدارية، مما سيتم معه استبدال الموظفين بتقنيات مختلفة للقيام بالأعمال نفسها، والعمل الذي كان يتطلب في الماضي 10 أشخاص أو أكثر للقيام به يستطيع أن يقوم به شخص واحد مستخدم تقنية المعلومات.

وذكرت أن بعض الدراسات توصلت إلى أن حجم التغيير قد يصل إلى 60 في المائة من موظفي الإدارة الوسطى، الذين سيواجهون أحد 3 احتمالات، الأول وهو الترقية إلى الإدارة العليا، التي تتوقع الدراسة أنها لن تشمل إلا العدد القليل جدا منهم.

في حين يتمثل الاحتمال الثاني في الانتقال إلى العمل في الأساس الفني للإدارة، ويشمل كل عمل أو عامل له علاقة مباشرة بتحويل المدخلات إلى مخرجات، أي تحويل الموارد التي صرفتها الدولة على القضايا والقضاء إلى أحكام صالحة للتطبيق متفقة مع الشريعة، من أمثلة موظفي الأساس الفني، والقضاة وملازميهم وأعوانهم والعاملين معهم.

ولفتت إلى أن ذلك يعنى في الأساس الفني بنتيجة التقدم التقني، والذي سيتوافر له عدد أكبر من المتخصصين للعمل فيه، الأمر الذي سيجعل جميع أعماله تنقسم إلى أجزاء أصغر، وبتخصص أكبر، فالتقنية الرقمية مكنت من تقسيم العمل إلى أجزاء متخصصة بدرجة أكبر عددا، وأعمق تخصصا، دون أن يتسبب ذلك في مشكلة تنسيق بين الأعمال المقسمة. واستشهدت بعمل القاضي في النظام الجديد والذي أصبح مقسما إلى تخصصات أكبر عددا وأكثرا تخصصا بالمقارنة مع ما كان عليه في السابق، بالإضافة إلى أن أي ترقية أو تحويل عمل سيتطلب في المستقبل إعادة تأهيل للعمل من جديد، مشيرة إلى أن ذلك ينطبق على ما يمكن أن يحدث للموظفين عند إعادة توزيعهم على المساندة الفنية والمساندة الإدارية.

وأوضحت أن الاحتمال الثالث يتمثل في الخروج من المنظمة والبحث عن عمل آخر، وفي الغالب إذا كانت ظاهرة استخدام تقنية معلومات بكثافة منتشرة في الأعمال، فستنتج عن ذلك بطالة في مؤهلي الإدارة الوسطى، الأمر الذي سيتطلب منهم إعادة التدريب والتأهيل للحصول على عمل جديد، وأكدت أن جميع الخيارات تؤدي إلى استحداث برامج علمية عليا متخصصة في إعادة التأهيل أو تغيير التأهيل العلمي للوظائف الجديدة والمستحدثة.

وبينت الدراسة المتعلقة بمجال القضاء أن تطور المجتمعات يعرف بالسمة الدائمة فيه، وهي الانتقال من حالة بسيطة إلى حالة أكثر تعقيدا، وتوقعت أن يستمر التطور بالاتجاه نفسه، وهو صدور أنظمة حكومية جديدة في مختلف مناحي الحياة وصدور معايير مهنية جديدة تصدرها جهات مهنية أهلية غير حكومية في مختلف الأعمال.

وأشارت إلى أن ذلك سيؤدي إلى مزيد من تنوع الأعراف الخاص، الأمر الذي سيجعل عدد القضايا يزيد، وكمية المعلومات اللازمة لدراسة كل قضية تزيد، وسعة وعمق العمليات الاستنباطية من تنقيح وتخريج وتحقيق المناط يزيد، مما يتوقع أن تؤدي الزيادة العددية والتمايز النوعي للقضايا إلى إنشاء محاكم جديدة، الأمر الذي سيؤدي إلى إنشاء تخصصات قضائية جديدة يتبعها إنشاء أقسام علمية جديدة وكليات.


 
إطبع هذه الصفحة